هل يجب أن أكتب عن هذا الموضوع أم لا؟
تساءلت كثيرًا ما بيني وبين نفسي، وترددت
عبثًا حاولت أن أنفض الفكرة عن رأسي لكني فشلت
فشلت لأني أريد أن أكتب لأن الكتابة بالنسبة لي نوعًا من البوح ونوعًا من التفكير والتفكير والكلام هو نوع من الأمانة
الأمانة التي عُرضت على السماوات والأرض فخشين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إن كان ظلومًا جهولاً
أنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) سورة الأحزاب
أنفعل مرارًا وأغتاظ من أخبار كثيرة
أخبار تأتيني لأقرأها وأسمعها
فأحزن كثيرًا، وأتساءل هذا الداء فأين الدواء؟
يقولون إذا عُرف السبب بطل العجب وإذا عرف الداء عُرف الدواء
لكنني أظن أننا نعرف جيدًا الداء والدواء
لكننا لا نبدأ
الموضوع ذو شجون
الموضوع مخجل ومخز
لأنه يؤكد أننا نفقد إنسانيتنا
فبدلاً من أن يسمو الإنسان منّا بذاته ينحدر حتى يصل إلى مرتبة الحيوانات التي لا عقل لديها لتُعمله. يعدو وراء رغباته وغرائزه دون رشد أو حكمة أو تفكير.
هل هو فقدان للرشد، أم يخالطه نوع من تنفيس للكبت.
قل لي إذا ضربت ابنك كثيرًا، فماذا سيحدث؟ ألا تظن أنه سيضرب أخته أو أخاه الأصغر؟ هذا هو ما يحدث في المجتمع ككل، نوع من التجبر والاستعلاء على الأضعف، ومع تدني الأخلاق والارتباط بالدين، أصبحت الجرائم أكثر بشاعة. لقد أترعت كأسنا عن آخرها.
بين الحين والآخر تطالعنا الصحف والأخبار بأخبار مخزية عن حالات تحرش بفتيات ونساء وبصغار، منذ قصة نهى رشدي عام 2008
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D9%87%D9%89_%D8%B1%D8%B4%D8%AF%D9%8A
وحتى الخبر الذي طالعني أول أمس في أخبار mbc عن كهل أسباني اعتدى على عشرات الأطفال المغاربة
أخيرًا قرأت خبرًا كانت فحواه:
قيام أمين عام الشكاوى والمقترحات في جمعية العدالة الاجتماعية محمد حنفي محمد برفع دعوى عن فريق عمل فيلم 678 قال فيها إن الفيلم يدرب الفتيات على استخدام العنف والتحريض على نشر الألفاظ المسيئة التي تتعارض مع الآداب العامة والتقاليد والأعراف المصرية، ويحرضهن كذلك على ارتكاب جريمة جنائية بإصابة الشباب الذين يتعرضون لهن وطالب حنفي بوقف عرض الفيلم، معتبرًا أنه يسيء لمصر، ويحرض النساء على التعدي على الرجال المتحرشين.
هل يمزح هذا الرجل؟!!!
أنا لا أدافع عن الفيلم، لكني وبغض النظر عن اتفاقي مع إنتاج فيلم كهذا أم لا، لكن الخبر غاظني بشدة.
ترك ذلك الأمين الهمام جوهر القضية واعتبر أن الفيلم يسيء لسمعة مصر، وهو ما ذكرني بمن عادى نهى رشدي في قضيتها لمجرد كونها ليست مصرية.
أولا يسيء أولئك الرجال والشباب إلى سمعة مصر؟
أولا يسيئون إلى الآداب العامة والتقاليد والأعراف المصرية؟
أولا يساء إلى سمعة مصر بالإساءة إلى نسائها وفتياتها وأطفالها؟
ماذا يحدث؟!
جنون مطبق أصاب بلدًا كانت توصف بآية "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" فأصبحت موصومة بعارٍ مخزٍ ليس في محيط الدول العربية فحسب وإنما في محيط الدول الأجنبية أيضًا. إنهم يحذرون سائحيهم من بلادنا.
إن اعتبار مثل هذه الحالات حالات فردية لهو هروب من واقع مخيف كما تفعل النعامة عندما تدفن رأسها في الرمال. أعتقد - وبكل ثقة مؤلمة - أنه لا توجد فتاة أو سيدة من مختلف الطبقات – هذا عدا الأطفال - لا تتعرض لمثل تلك التحرشات بنوعيها اللفظية والجسدية. ربما كانت المرأة من الطبقة الدنيا هي الأكثر تعرضًا لذلك تليها الطبقة المتوسطة أثناء ركوب المواصلات العامة أو السير في أماكن مزدحمة أو خلاف ذلك، لكن هذا لا ينفي أن الشارع بات مكانًا مخيفًا.
لا أريد أن أملأ الدنيا عويلاً فما هكذا يمكن أن تحل الأمور. أريد أن نحلل الأمر معًا، فنحاول إيجاد حلول لذلك السوس الذي ينخر في عظام الأمة.
الأمر على الرغم من كونه مأساة في ح ذاته، فهو مؤشر لمأساة أكبر.
نحن ننهار..
ننهار ونفقد أقل ما يمكن أن يمتلكه بشر.
نفقد إنسانيتنا.
الأسباب عديدة:
*تدني مستوى الأخلاق والدين وانتشار الإباحية بسبب وسائل الإعلام المختلفة
**تدني مستوى المعيشة والظروف الاقتصادية وتأخر سن الزواج في تزامن مع فقدان الطموح والأمل وانتشار البطالة
***عدم وجود قوانين رادعة لمثل هذا السلوك
****انتشار الفكر الذكوري في المجتمع الذي يُجرم الفتاة أولاً وملابسها ثانيًا ليدافع في النهاية عن دوافع الفتى ويوجد له المبررات
سؤال: لمَ لم يكن الأمر منتشرًا في الخمسينات والستينات على الرغم من عدم انتشار الحجاب؟
لم تعرضت وتتعرض بعض المحجبات والمحتشمات بل المنتقبات للتحرش؟
الأسباب مترابطة بشدة، فالأمر لا يتوقف على ملابس الفتاة فقط وإن كانت سببًا مهمًا بالطبع، لكنه لم يكن أبدأ السبب الرئيسي.
الحلول في رأيي يجب أن تبدأ من طرفين:
الشعوب أولاً
يجب أن نتعلم كيف نربي أبناءنا وبناتنا وأن ننتبه لموضع الدين والأخلاق في التربية، ونهتم بتدريبهم على رياضة تنمي أجسادهم وتستثمر طاقاتهم وتحميهم إن أمكن وعلى هواية يستطيعون بها إمضاء أوقات فراغهم.
أذكر حوارًا دار بيني وبين أخي الأصغر عن الأمر قال لي جملة لا أنساها قط.
"أنا ممكن أنظر إلى فتاة لا ترتدي ملابس محتشمة وأنا أعلم يقينًا أن غض البصر واجب وأن الله سيحاسبني، لكني لا أقدم على سلوك شائن لسبب واحد فقط. أنني بذلك أترك مكانة الإنسان وأنحدر إلى الحيوان وأنا أحترم نفسي قبل أن أحترم تلك الفتاة. لن أقول أنني أتذكر أن لي أخوات بنات وأخاف الله ومثل هذه الجمل لكنني بصدق أحب نفسي أكثر فأحترمها أكثر."
الحكومات ثانيًا
*فرض قدر معين من الاحتشام في الملابس حتى لغير المحجبات أو غير المسلمات
**وضع قوانين صارمة ورادعة ومحاسبة كل من يقدم على ذلك،
***احترام أخلاق الشعوب الشرقية وعاداتها في كل ما يُعرض في وسائل الإعلام
****الاهتمام بتنمية الشباب تنمية دينية وثقافية وأخلاقية، وتعليمهم كيفية استثمار أوقاتهم وطاقاتهم في كل ما هو مفيد
*****الاهتمام بمشكلة البطالة
******توفير وسائل مواصلات خاصة بالسيدات
مقالي هذا يمثل صرخة لكل من يهتم بما يحدث في بلادنا لعلنا نضع حجر أساس نهضتها
لكل أب وأم ومربي ومعلم
لكل مسؤول
لكل راع يعرف أنه سيسأل عن رعيته
أخيرًا مقالات مهمة يجب أن تُقرأ
رأي الجارديان في ما يحدث في مصر – سمعة مصر على لسان الجميع بفضل ما يحدث
http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?ID=213728
التحرش إهانة للرجل قبل أن يكون إهانة للمرأة
http://www.braineye.net/be/2009/05/05/p32/
هجمة ضد الفتاة المصرية
http://www.middle-east-online.com/?id=87182
هناك تعليقان (٢):
أنا كمان دمي غلي من الراجل اللي اتهم بشرى علشان الفيلم. أنا ميتهيأليش أنه فيه بنت مشيت في شارع مصر ومتعرضتش لمضايقات، باختلاف مستوياتها، من لفظية إلى تطاولات. وبعدين مصر أصلا سمعتها بقت في الضياع من كل ناحية. الراجل ده حسسني إنه جاي من حتة تانية أو عاوز يعمل فرقعة إعلامية وخلاص!
فتح الله عليك :)
حاجه فعلاً تحزن.. والله ومن غير ماتنزلي الشارع.. الذوق العام انحدر في التليفزيون والراديو و الجرايد .. ربنا يستر على بلدنا.. بس الحمدلله إن لسه فيه ناس حلوة زيك يا روبي.. وفي رأيي إن التربية م البيت .. لا تقوليلي بقى مدرسة معرفش ايه ولا جامعة ايه.. المهم الأب و الأم .. ياترى فضوا نفسهم شويه يحطوا الأساس ولا مالحقوش!
إرسال تعليق