٠١‏/٠٣‏/٢٠١٣

ملتقى الأفلام القصيرة

دعاني زميل عزيز بكرمه السكندري الأصيل لمشاهدة فيلمين قصيرين من إخراج صديقين له، حيث كانت مكتبة الإسكندرية تعرض الفيلمين ضمن ملتقى الأفلام القصيرة الذي يجمع الأفلام الفائزة في عدة مهرجانات مصرية.

عُرض في تلك الأمسية فيلمان هما إعادة تأهيل لأحمد مجدي وبيض عيون لمي زايد

استغرق "إعادة تأهيل" 7 دقائق فقط، فيها يرى المشاهد تحقيقًا عجيبًا مع مواطن يجد نفسه وسط اثنين من المحققين يسألانه فقط عن لوحة أمامه بها رقم وعندما يجيب بأنه 2

يبدآ التحقيق معه شارحين أنهما لا يريدان سوى مساعدته

الفيلم عميق للغاية ففي لحظات معدودة تدرك كم أن الحقيقة شيء غير ملموس

وأن لها عدة أوجه

أو أن كلٍ منا يراها بطريقته

في الفيلم التالي "بيض عيون"، ترى فيه تجربة غريبة فعلًا

ممثلان أمريكان ومكان التصوير في الولايات المتحدة الأمريكية بينما الفيلم مقتبس عن إحدى قصص الكاتب المصري إبراهيم أصلان من مجموعته حجرتان وصالة

زوجان يحيان حياة مملة رتيبة مميتة ويبدو أن الزوجة تحاول أحيانًا كسر  الحاجز العازل لكنها محاولاتها ترتد مرارًا في وجهها، لينتهي في النهاية مع خروجها من المنزل في مشهد رمزي يؤكد رفضلها لتلك الحياة

إنها مجرد رمز يؤكد أنها ترفض ذلك الموت الذي يحياه ذلك الزواج ومحاولاتها لاستعادة ذلك التواصل المفقود

التجربة كانت جديدة عليّ بالفعل لكنها كانت ممتعة للغاية

عنك وعن حتمية الفراق


لم تكن أبًا عاديًا
لم تكن أبًا عاديًا لنا جميعًا ولي ولشقيقتي خاصةً
لم تكن ابنًا عاديًا لجدتنا الغالية التي لم تطق أنت فراقها فلحقت بها سريعًا
لم تكن زوجًا عاديًا لأمي المحزونة على فراقك
تزورني كثيرًا في صحوي ومنامي
صورتك على مكتبي وعلى حائط غرفتي وأرفف مكتبتي تنظر إلي على الدوام
تلك النظرة الباسمة المتألقة
أحيانًا ما يصيبني الندم لأنني كثيرًا ما أحزنتك في العام الأخير بعد كل ما يصيب مصرنا الحبيبة. اختلفنا كثيرًا وثرت مرارًا لكنني لم أفقد حبي ولا احترامي لك أبدًا يا أحب الناس
أن تشاهد سكرات الموت في أحب من لك أمر مؤلم، وأن يتكرر ذلك مرتين متتاليتين بينهما عشرون يومًا فقط فقد كان صدمة فهو شديد القسوة، ومن حكمة الله ولطف أقداره، أن ربط على قلوبنا بيقين وصبر عجيبين إلى الدرجة التي لم نشعر فيها بهذه القسوة.
أتساءل الآن كيف تعاملنا مع الأمر بهذا الإدراك وبهذا الاستيعاب؟
حين وقفت أتلو الفاتحة أمام قبر جدتي ثم أمام قبرك، تذكرت يومها عندما طلبت منك أن نزور قبر جدي فوعدتني أن تصحبني في الزيارة القادمة لقريتنا، لكن العام القادم لم يأت إلا وقد انتقلت أنت إلى جواره.
لم أستطع الكتابة عنك، بل إنني لم أستطع حتى الحديث عنك مع من حولي، حتى تلك اللحظة التي استطعت فيها أن أبكيك وأن أشتاق إليك وأن أعترف أنني أفتقدك وأن أتصور مدى حاجتي إليك. تلك اللحظة عندما فقدت كل قدرة لي على السيطرة على نفسي وعلى تماسكي كانت هي نفسها التي استطعت أن أكتب عنك.
أحيانًا تراودني رغبة عارمة في أن أرقد على فراشك وأتدثر بغطائك، حينها أشعر بذراعيك حولي فأهدأ. قلت لك مرة إن هذه الثورة غيرت حياتي ومنظوري في الحياة، وأقول لك الآن أن فقدان جدتي وفقدانك قد غيرا مني كثيرًا؛ فأن تعلم أن المرض والموت مصير محتوم شيء وأن تراه وتلمسه وتدركه شيء آخر.
هل تعلم يا أبي أن أندلس ظلت أيامًا طويلة تسأل عنك في كل مرة تأتي فيها إلينا؟ ظلت تقول حتى بعدما أخبرناها أن جدو ونينة ذهبا لربنا عما إذا كان من الممكن أن نذهب إليك أو نتصل بك في الهاتف؟
هل تعلم أنه قد قدم إلى الصلاة عليك كثير ممن لا تعرفهم أنت ولا يعرفونك ولا يعرفون أبناءك في تدبير عجيب من الله؟
هل تعلم أنهم حيث قضيت 33 عامًا من عمرك أقاموا لك عزاءً كبيرًا؟
هل تعلم أنهم في مدرستك وقفوا حدادًا في طابور الصباح ورفعوا أكفهم بالدعاء لك؟
هل تعلم أن خطيب المسجد المجاور دعا لك في الجمعة التالية لوفاتك على كما دعا لك في مرضك؟
هل تعلم أن أحباؤك كانوا يبكونك ربما أكثر مما فعلنا؟
هل تعلم كم نحبك ونفتقدك؟