١٨‏/٠١‏/٢٠١١

يوميات أنثى في مجتمع ذكوري ج٧


هل يجب أن أكتب عن هذا الموضوع أم لا؟

تساءلت كثيرًا ما بيني وبين نفسي، وترددت

عبثًا حاولت أن أنفض الفكرة عن رأسي لكني فشلت

فشلت لأني أريد أن أكتب لأن الكتابة بالنسبة لي نوعًا من البوح ونوعًا من التفكير والتفكير والكلام هو نوع من الأمانة


الأمانة التي عُرضت على السماوات والأرض فخشين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إن كان ظلومًا جهولاً


أنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) سورة الأحزاب


أنفعل مرارًا وأغتاظ من أخبار كثيرة

أخبار تأتيني لأقرأها وأسمعها

فأحزن كثيرًا، وأتساءل هذا الداء فأين الدواء؟

يقولون إذا عُرف السبب بطل العجب وإذا عرف الداء عُرف الدواء

لكنني أظن أننا نعرف جيدًا الداء والدواء

لكننا لا نبدأ

الموضوع ذو شجون

الموضوع مخجل ومخز

لأنه يؤكد أننا نفقد إنسانيتنا

فبدلاً من أن يسمو الإنسان منّا بذاته ينحدر حتى يصل إلى مرتبة الحيوانات التي لا عقل لديها لتُعمله. يعدو وراء رغباته وغرائزه دون رشد أو حكمة أو تفكير.

هل هو فقدان للرشد، أم يخالطه نوع من تنفيس للكبت.

قل لي إذا ضربت ابنك كثيرًا، فماذا سيحدث؟ ألا تظن أنه سيضرب أخته أو أخاه الأصغر؟ هذا هو ما يحدث في المجتمع ككل، نوع من التجبر والاستعلاء على الأضعف، ومع تدني الأخلاق والارتباط بالدين، أصبحت الجرائم أكثر بشاعة. لقد أترعت كأسنا عن آخرها.

بين الحين والآخر تطالعنا الصحف والأخبار بأخبار مخزية عن حالات تحرش بفتيات ونساء وبصغار، منذ قصة نهى رشدي عام 2008

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D9%87%D9%89_%D8%B1%D8%B4%D8%AF%D9%8A

وحتى الخبر الذي طالعني أول أمس في أخبار mbc عن كهل أسباني اعتدى على عشرات الأطفال المغاربة

http://www.mbc.net/portal/site/mbc/menuitem.8ff2c4a1c09f5f1ddd8513a4480210a0/?vgnextoid=6c5658590077d210VgnVCM1000008420010aRCRD&vgnextchannel=058ed6b6789da110VgnVCM1000008420010aRCRD&vgnextfmt=MBCNewsArticle

أخيرًا قرأت خبرًا كانت فحواه:

قيام أمين عام الشكاوى والمقترحات في جمعية العدالة الاجتماعية محمد حنفي محمد برفع دعوى عن فريق عمل فيلم 678 قال فيها إن الفيلم يدرب الفتيات على استخدام العنف والتحريض على نشر الألفاظ المسيئة التي تتعارض مع الآداب العامة والتقاليد والأعراف المصرية، ويحرضهن كذلك على ارتكاب جريمة جنائية بإصابة الشباب الذين يتعرضون لهن وطالب حنفي بوقف عرض الفيلم، معتبرًا أنه يسيء لمصر، ويحرض النساء على التعدي على الرجال المتحرشين.

هل يمزح هذا الرجل؟!!!

أنا لا أدافع عن الفيلم، لكني وبغض النظر عن اتفاقي مع إنتاج فيلم كهذا أم لا، لكن الخبر غاظني بشدة.

ترك ذلك الأمين الهمام جوهر القضية واعتبر أن الفيلم يسيء لسمعة مصر، وهو ما ذكرني بمن عادى نهى رشدي في قضيتها لمجرد كونها ليست مصرية.

أولا يسيء أولئك الرجال والشباب إلى سمعة مصر؟

أولا يسيئون إلى الآداب العامة والتقاليد والأعراف المصرية؟

أولا يساء إلى سمعة مصر بالإساءة إلى نسائها وفتياتها وأطفالها؟

ماذا يحدث؟!

جنون مطبق أصاب بلدًا كانت توصف بآية "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" فأصبحت موصومة بعارٍ مخزٍ ليس في محيط الدول العربية فحسب وإنما في محيط الدول الأجنبية أيضًا. إنهم يحذرون سائحيهم من بلادنا.

إن اعتبار مثل هذه الحالات حالات فردية لهو هروب من واقع مخيف كما تفعل النعامة عندما تدفن رأسها في الرمال. أعتقد - وبكل ثقة مؤلمة - أنه لا توجد فتاة أو سيدة من مختلف الطبقات – هذا عدا الأطفال - لا تتعرض لمثل تلك التحرشات بنوعيها اللفظية والجسدية. ربما كانت المرأة من الطبقة الدنيا هي الأكثر تعرضًا لذلك تليها الطبقة المتوسطة أثناء ركوب المواصلات العامة أو السير في أماكن مزدحمة أو خلاف ذلك، لكن هذا لا ينفي أن الشارع بات مكانًا مخيفًا.

لا أريد أن أملأ الدنيا عويلاً فما هكذا يمكن أن تحل الأمور. أريد أن نحلل الأمر معًا، فنحاول إيجاد حلول لذلك السوس الذي ينخر في عظام الأمة.

الأمر على الرغم من كونه مأساة في ح ذاته، فهو مؤشر لمأساة أكبر.

نحن ننهار..

ننهار ونفقد أقل ما يمكن أن يمتلكه بشر.

نفقد إنسانيتنا.

الأسباب عديدة:

*تدني مستوى الأخلاق والدين وانتشار الإباحية بسبب وسائل الإعلام المختلفة

**تدني مستوى المعيشة والظروف الاقتصادية وتأخر سن الزواج في تزامن مع فقدان الطموح والأمل وانتشار البطالة

***عدم وجود قوانين رادعة لمثل هذا السلوك

****انتشار الفكر الذكوري في المجتمع الذي يُجرم الفتاة أولاً وملابسها ثانيًا ليدافع في النهاية عن دوافع الفتى ويوجد له المبررات

سؤال: لمَ لم يكن الأمر منتشرًا في الخمسينات والستينات على الرغم من عدم انتشار الحجاب؟

لم تعرضت وتتعرض بعض المحجبات والمحتشمات بل المنتقبات للتحرش؟

الأسباب مترابطة بشدة، فالأمر لا يتوقف على ملابس الفتاة فقط وإن كانت سببًا مهمًا بالطبع، لكنه لم يكن أبدأ السبب الرئيسي.

الحلول في رأيي يجب أن تبدأ من طرفين:

الشعوب أولاً

يجب أن نتعلم كيف نربي أبناءنا وبناتنا وأن ننتبه لموضع الدين والأخلاق في التربية، ونهتم بتدريبهم على رياضة تنمي أجسادهم وتستثمر طاقاتهم وتحميهم إن أمكن وعلى هواية يستطيعون بها إمضاء أوقات فراغهم.

أذكر حوارًا دار بيني وبين أخي الأصغر عن الأمر قال لي جملة لا أنساها قط.

"أنا ممكن أنظر إلى فتاة لا ترتدي ملابس محتشمة وأنا أعلم يقينًا أن غض البصر واجب وأن الله سيحاسبني، لكني لا أقدم على سلوك شائن لسبب واحد فقط. أنني بذلك أترك مكانة الإنسان وأنحدر إلى الحيوان وأنا أحترم نفسي قبل أن أحترم تلك الفتاة. لن أقول أنني أتذكر أن لي أخوات بنات وأخاف الله ومثل هذه الجمل لكنني بصدق أحب نفسي أكثر فأحترمها أكثر."

الحكومات ثانيًا

*فرض قدر معين من الاحتشام في الملابس حتى لغير المحجبات أو غير المسلمات

**وضع قوانين صارمة ورادعة ومحاسبة كل من يقدم على ذلك،

***احترام أخلاق الشعوب الشرقية وعاداتها في كل ما يُعرض في وسائل الإعلام

****الاهتمام بتنمية الشباب تنمية دينية وثقافية وأخلاقية، وتعليمهم كيفية استثمار أوقاتهم وطاقاتهم في كل ما هو مفيد

*****الاهتمام بمشكلة البطالة

******توفير وسائل مواصلات خاصة بالسيدات

مقالي هذا يمثل صرخة لكل من يهتم بما يحدث في بلادنا لعلنا نضع حجر أساس نهضتها

لكل أب وأم ومربي ومعلم

لكل مسؤول

لكل راع يعرف أنه سيسأل عن رعيته

أخيرًا مقالات مهمة يجب أن تُقرأ

رأي الجارديان في ما يحدث في مصر – سمعة مصر على لسان الجميع بفضل ما يحدث

http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?ID=213728

التحرش إهانة للرجل قبل أن يكون إهانة للمرأة

http://www.braineye.net/be/2009/05/05/p32/

هجمة ضد الفتاة المصرية

http://www.middle-east-online.com/?id=87182

١٥‏/٠١‏/٢٠١١

تونس الحبيبة


في بداية العام الهجري الجديد فاجأنا المفكر التونسي الإسلامي د. راشد الغنوشي بمقال بديع يحلل فيه الأوضاع السياسية في العالم العربي والإسلامي

كان مقاله كما النبوءة

وكانت أبلغ جملة فيه هي:

ومعنى ذلك أنه لم يبق من أمل في إصلاح سياسي جاد ينقذ أوطاننا من اتجاه لها ثابت صوب التفكك والتحلل والانفجارات والارتماء أكثر فأكثر في أحضان القوى الإمبريالية والصهيونية غير تغيير جاد عبر عصيان مدني يعيد السيادة للشعب والسلطة للقانون والكرامة للمواطن، تقوده تحالفات وجبهات وطنية، تقدم على دفع ثمن كسر قيود شعوبنا واندراجنا بالإسلام مجددا في حركة التاريخ.

وهو ما تحقق الآن بالفعل وكانت البداية من وطنه هو

تونس الشقيقة

تحية لك ولشعبك المقدام

http://www.syrialight.com/?option=content&view=article&id=16557&mid=1

عسى أن نكون يومًا بمثل شجاعتكم


١٢‏/٠١‏/٢٠١١

أفلا يتدبرون الجزء الثاني من النمل



في الحلقة الثانية من حلقات النمل

النمل يتكون من ١٨ ألف نوع أو قبيلة، وتمت دراستها في ٣٥ ألف رسالة ماجستير ودكتوراة

ومع كل ذلك يُقدر العلماء المعلومات التي تم الوصول إليها بنسبة 5% من المعرفة التي يجب معرفتها عن النمل

يدفنون موتاهم

حيث يقوم جسم النملة الميتة بفرز مادة كيميائية اسمها حمض الزيتيك لها رائحة نفاذة، فلما يشم بقية النمل رائحتها يهرع إليها لدفنها والسير في جنازتها

ومن عجيب ما اكتشفه العلماء أن مجرد دهن حصاة صغيرة بحمض الزيتيك فإن النمل يهرع لدفنها، بل إن أي نملة تداوم على حضور الجنازات فإن رائحتها تتأثر فيظن بقية النمل فيها أنها ميتة فيدفنونها حية، لذلك فإن الفطنة تقتضي من بعضهن تنظيف نفسها مرارًا كي تزيل الرائحة

في الحروب يتجلى قوله تعالى: "أمم أمثالكم"

النمل ينظم صفوفه بشدة وعند وقوع جرحى يتم نقلهم للصفوف الخلفية لعلاجهم وإخلاء الساحة للمحاربين


النمل أنواع

الملكة النملة الأم وهي نملة كاملة الأنوثة وهي أم النمل جميعًا

الشغالات وهن إناث عقيمات

العساكر

الذكور آباء النمل

تفرز النملة الأم حمض الزيتيك كي تثبط به عمل الغدد الجنسية للشغالات

يطرح السؤال نفسه بقوة

ألا يظنها بقية النمل ميتة؟!

عند فرز النملة الأم حمض الزيتيك بغرض تثبيط الشغالات فإنها تفرز قبله مباشرة في مدة لا تزيد عن ٣ دقائق مادة أخرى يدرك حينها النمل أن الملكة الأم ستفرز الآن حمض الزيتيك لغرض معين، أما إذا فرز حمض الزيتيك دون المادة الأزلى فإن ذلك إشارة على موتها فيهرع النمل لدفنها وتنصيب ملكة جديدة


في تجربة بديعة قام بها عالم اسمه لورانس

وضع مكعب صغير من الألومنيوم ودهنه بمادة سكرية ليجذب النمل فجاءت نملة وحاولت حمله فلم تستطع فذهبت وعادت بـ ٨ نملات أخرى معها ليصبح عددهم ٩ نملات وحملوا المكعب

عاد لورانس مرة أخرى فأعاد التجربة مع مكعب من الحديد لكن النملة الأولى هذه المرة عادت بـ ٢٦ نملة وكانت هي السابعة والعشرين

العدد هو ثلاثة أضعاف عدد النمل في الأولى

في حساب كثافة الألومنيوم إلى الحديد سنجد أنها ثلثه أو أن الحديد ثلاثة أضعافه

كيف استطاع النمل حساب ذلك؟

سبحان الله

كما أعطاهم الله بعضًا من علمه فعلى الرغم من سيادة الإناث في مجتمعات كثيرة كالنمل والنحل والعناكب بل حتى الأسود فإن هدهد سليمان تعجب لما رأى بلقيس تحكم دولة

للنمل ماشية " مخلوق ما " يتعاملون معه كما نتعامل نحن مع الأبقار، وتتعامل قبائل النمل مع بعضها البعض بالمقايضة فيبيعون الحبوب مقابل الماشية أو العكس

كما كان يفعل آباؤنا قبل ورق البنكنوت الذي جلب الشقاء على البشرية

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح

حيث عاتبه على الحرق وعلى أخذ البريء بذنب المسيء فلا يحرق بالنار إلا رب النار

والتسبيح لغة نوعان الامتثال أي الاستسلام "فطرة" والصلاة أو السجود

في قوله تعالى:

"تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم"


قدم غير العاقل على العاقل لأن تسبيحه أعجب

١١‏/٠١‏/٢٠١١

ضعاف النفوس

وصلتني المقالة بالبريد الإلكتروني فلما قرأتها وجدت أن كل مفكر أو قارئ أو متأمل عليه أن يقرؤها

المقالة مميزة وتصلح لعلاج ضعاف النفوس في كل جوانب الحياة

رحمه الله

بعض النفوس الضعيفة يخيل إليها أن للكرامة ضريبة باهظة، لا تطاق، فتختار الذل والمهانة هرباً من هذه التكاليف الثقال، فتعيش عيشة تافهة، رخيصة، مفزعة، قلقة، تخاف من ظلها، وتَفْرَقُ من صداها، "يحسبون كل صيحة عليهم"، "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة".

هؤلاء الأذلاء يؤدون ضريبة أفدح من تكاليف الكرامة، إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة، يؤدونها من نفوسهم، ويؤدونها من أقدارهم، ويؤدونها من سمعتهم، ويؤدونها من اطمئنانهم، وكثيراً ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون.

وإنهم ليحسبون أنهم ينالون في مقابل الكرامة التي يبذلونها قربى ذوي الجاه والسلطان حين يؤدون إليهم ضريبة الذل وهم صاغرون، ولكن كم من تجربة انكشفت عن نبذ الأذلاء نبذ النواة، بأيدي سادتهم الذين عبدوهم من دون الله، كم من رجل باع رجولته، ومرغ خديه في الثرى تحت أقدام السادة، وخنع، وخضع، وضحى بكل مقومات الحياة الإنسانية، وبكل المقدسات التي عرفتها البشرية، وبكل الأمانات التي ناطها الله به، أو ناطها الناس ... ثم في النهاية إذا هو رخيص رخيص، هَيِّنٌ هَيِّن، حتى على السادة الذين استخدموه كالكلب الذليل، السادة الذين لهث في إثرهم، وحرك ذنبه لهم، ومرغ نفسه في الوحل ليحوز منهم الرضاء!

كم من رجل كان يملك أن يكون شريفاً، وأن يكون كريماً، وأن يصون أمانة الله بين يديه، ويحافظ على كرامة الحق، وكرامة الإنسانية، وكان في موقفه هذا مرهوب الجانب، لا يملك له أحد شيئاً، حتى الذين لا يريدون له أن يرعى الأمانة، وأن يحرس الحق، وأن يستعز بالكرامة، فلما أن خان الأمانة التي بين يديه، وضعف عن تكاليف الكرامة، وتجرد من عزة الحق، هان على الذين كانوا يهابونه، وذل عند من كانوا يرهبون الحق الذي هو حارسه، ورخص عند من كانوا يحاولون شراءه، رخص حتى أعرضوا عن شرائه، ثم نُبِذَ كما تُنْبَذُ الجيفة، وركلته الأقدام، أقدام الذين كانوا يَعِدُونه ويمنونه يوم كان له من الحق جاه، ومن الكرامة هيبة، ومن الأمانة ملاذ.

كثير هم الذين يَهْوُونَ من القمة إلى السَّفْح، لا يرحمهم أحد، ولا يترحم عليهم أحد، ولا يسير في جنازتهم أحد، حتى السادة الذين في سبيلهم هَوَوْا من قمة الكرامة إلى سفوح الذل، ومن عزة الحق إلى مَهَاوي الضلال، ومع تكاثر العظات والتجارب فإننا ما نزال نشهد في كل يوم ضحية، ضحية تؤدي ضريبة الذل كاملة، ضحية تخون الله والناس، وتضحي بالأمانة وبالكرامة، ضحية تلهث في إثر السادة، وتلهث في إثر المطمع والمطمح، وتلهث وراء الوعود والسراب ..... ثم تَهْوِي وتَنْزَوِي هنالك في السفح خَانِعَةً مَهِينَة، ينظر إليها الناس في شماتة، وينظر إليها السادة في احتقار.

لقد شاهدتُ في عمري المحدود - ومازلت أشاهد - عشرات من الرجال الكبار يحنون الرؤوس لغير الواحد القهار، ويتقدمون خاشعين، يحملون ضرائب الذل، تثقل كواهلهم، وتحني هاماتهم، وتلوي أعناقهم، وتُنَكِّس رؤوسهم .... ثم يُطْرَدُون كالكلاب، بعد أن يضعوا أحمالهم، ويسلموا بضاعتهم، ويتجردوا من الحُسنَيَيْن في الدنيا والآخرة، ويَمضون بعد ذلك في قافلة الرقيق، لا يَحُسُّ بهم أحد حتى الجلاد.

لقد شاهدتهم وفي وسعهم أن يكونوا أحراراً، ولكنهم يختارون العبودية، وفي طاقتهم أن يكونوا أقوياء، ولكنهم يختارون التخاذل، وفي إمكانهم أن يكونوا مرهوبي الجانب، ولكنهم يختارون الجبن والمهانة .... شاهدتهم يهربون من العزة كي لا تكلفهم درهماً، وهم يؤدون للذل ديناراً أو قنطاراً، شاهدتهم يرتكبون كل كبيرة ليرضوا صاحب جاه أو سلطان، ويستظلوا بجاهه أو سلطانه، وهم يملكون أن يَرْهَبَهم ذلك. رأيت شعوباً بأَسْرِها تُشْفِقُ من تكاليف الحرية مرة، فتظل تؤدي ضرائب العبودية مرات، ضرائب لا تُقَاس إليها تكاليف الحرية، ولا تبلغ عُشْرَ مِعْشَارِها، وقديماً قالت اليهود لنبيها "يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها أبداً ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا قاعدون" فأَدَّتْ ثمن هذا النكوص عن تكاليف العزة أربعين سنة تتيه في الصحراء، تأكلها الرمال، وتذلها الغربة، وتشردها المخاوف .... وما كانت لتؤدي معشار هذا كله ثمناً للعزة والنصر في عالم الرجال.

إنه لابد من ضريبة يؤديها الأفراد، وتؤديها الجماعات، وتؤديها الشعوب، فإما أن تؤدى هذه الضريبة للعزة والكرامة والحرية، وإما أن تؤدى للذلة والمهانة والعبودية، والتجارب كلها تنطق بهذه الحقيقة التي لا مفر منها، ولا فكاك.

فإلى الذين يَفْرَقُونَ من تكاليف الحرية، إلى الذين يخشون عاقبة الكرامة، إلى الذين يمرِّغُون خدودهم تحت مواطئ الأقدام، إلى الذين يخونون أماناتهم، ويخونون كراماتهم، ويخونون إنسانيتهم، ويخونون التضحيات العظيمة التي بذلتها أمتهم لتتحرر وتتخلص.

إلى هؤلاء جميعاً أوجه الدعوة أن ينظروا في عبر التاريخ، وفي عبر الواقع القريب، وأن يتدبروا الأمثلة المتكررة التي تشهد بأن ضريبة الذل أفدح من ضريبة الكرامة، وأن تكاليف الحرية أقل من تكاليف العبودية، وأن الذين يستعدون للموت توهب لهم الحياة، وأن الذين لا يخشون الفقر يرزقون الكفاية، وأن الذين لا يَرْهَبُون الجاه والسلطان يَرْهَبُهم الجاه والسلطان.

ولدينا أمثلة كثيرة وقريبة على الأذلاء الذين باعوا الضمائر، وخانوا الأمانات، وخذلوا الحق، وتمرغوا في التراب ثم ذهبوا غير مأسوف عليهم من أحد، ملعونين من الله، ملعونين من الناس،

وأمثلة ‏كذلك ولو أنها قليلة على الذين يأبون أن يذلوا، ويأبون أن يخونوا، ويأبون ‏أن يبيعوا رجولتهم، وقد عاش من عاش منهم كريماً، ومات من مات منهم كريما....

بقلم: سيد قطب – مقال منشور في يونيو 1952

تداعيات تفجير الكنيسة

٠٦‏/٠١‏/٢٠١١

دمنا المستباح



على راديو مصر وفي مدة لا تتعدى الخمسة دقائق، تحدث محمد سابق في برنامج نقطة ضوء عن دراسة أجراها مركز مناهضة التعذيب في اسرائيل ونشرتها الجارديان في محاولة رآها شعورًا بالذنب جراء ما تسبب فيه وزير خارجيتهم الأسبق بلفور من دمار للعالم بوعده الذي أسماه التاريخ "وعد من لا يملك لمن لا يستحق".

غرست اسرائيل نفسها في قلب الأمة الإسلامية والعربية وأصبحت كالطاعون على يد حثالة كانت عبارة عن عصابات ثم تحولت لدولة تبدو نظامية لكنها لا تزال تتعامل بالتفكير الإجرامي نفسه.

تقول الدراسة أن المعتقلين والذين يربو عددهم على 15 ألفًا، يتعرضون لتعذيب مستمر وممنهج، ويحرمون من حق الاتصال بالمحامي أو الأهل قبل الحصول على الاعترافات التي يريدها رجال الأمن أو الموساد وربما حتى بعد الاعتراف.

المعتقلون يجمعون بين نساء وأطفال ورجال وكبار سن ولا يفرق بينهم في تعذيب أو سوء معاملة.

الدراسة تبدو صادقة إلى أقصى حد لا لشيء إلا لأن من قام بها كان مركز اسرائيلي، وشارك بها محامي اسرائيلي بارز في الدفاع عن حقوق الإنسان يُدعى "آريخ بالاس"

هذا فضلاً عن تصرفات غير ممنهجة أو ربما كانت ممنهجة لجنود اسرائيلين يحولون حياة المعتقلين إلى جحيم لإرضاء رغباتهم غير السوية، وأعتقد أن الصورة المرفقة تذكرنا جميعًا بالفيديو الذي نشر منذ فترة ليست بالطويلة لمجندة اسرائيلية أرادات تقليد أختها في الشر المجند الأمريكية الشهيرة بفيديوهات وصور معتقلات أبي غريب في العراق.


ماذا يحدث؟

أفكر فيما أسمع، أفكر فيما حدث بالأسكندرية

أعود بذاكرتي لعراق حبيبة وأفغانستان منتهكة وفلسطين مسلوبة وشيشان مستعمرة

وأتساءل هل حدث جديد

منذ زمن وقد أصبح دمنا مستباح

لم تحزنين؟


٠٢‏/٠١‏/٢٠١١

هل نصبح عراقًا أخرى



لن أتحدث عن السياسة وعن دور الأمن المصري الذي أثبت فشله الذريع في حماية مواطنيه وعن نظام الحكم المهترئ الذي يجثم على أرواحنا كي يهددنا يومًا بعد يوم بجميع السبل

ولن أتحدث عن التطرف والإرهاب الذي يؤذي أمة بأكملها

ولن أتحدث عن التوعية الدينية الصحيحة المغيبة

لن أتحدث عن تدخل تنظيمات غير مصرية في بلادنا وتهديدها لنا ولأمننا دون أن تجد أمامها يدًا رادعة تخافها

لن أتحدث عن كل ذلك

كل ما سأقوله

أنا خائفة

خائفة بصدق

خائفة على هذه البلاد

خائفة على المصريين أقباط ومسلمين

ومشفقة على بلادي أن تصبح عراقًا أو لبنان أخرى

وأتساءل هل لدينا الجرأة كي نردد "ادخلوها بسلام آمنين"

ماذا فعلنا بمصرنا وماذا فعل غيرنا بنا

إلى أين تسير هذه البلاد

بل إلى أين تسير هذه الأمة

كنا نقول في العراق

في الكويت

في لبنان

وكأن الأمر بعيد

ولكن أتذكرون قصة كليلة ودمنة

"أكلت يوم أكل الثور الأبيض"

هل تسير أمتنا نحو الهاوية؟

يالحسرتي سؤال أسأله كل يوم


http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2011/01/110101_pix_alexandria_church_explosion.shtml