٢٤‏/١١‏/٢٠١٢

مرسي في ميزان من انتخبوه

أنا أنوي الآن أن أنتقد أداء الرئيس مرسي لكنني سأذكر نفسي بما سبق وسألتزم الأدب، وسأضع نفسي مكانه

أنا فقط أريد أن أحلل

نعم أدرك جيدًا أن الرئيس مرسي لم يمر عليه في الحكم إلا أربعة أشهر

أدرك جيدًا أننا كنا نتوقع تلك الثورة المضادة ممن لا يريدون إخفاق الإخوان أو الرئيس مرسي فحسب وإنما إجهاض الثورة كلها

وأدرك جيدًا أيضًا أننا تعاهدنا في اتفاقية فيرمونت للوفاق الوطني على الوحدة

وقفنا جميعًا بجانبه لوعود محددة لم نرها محل التطبيق الحقيقي، وأدرك أن إتاحة الفرصة لهم هي الفشل الحقيقي

لا يستطيع عاقل – أتحدث هنا عن الشرفاء والعقلاء والحكماء لا الغوغاء من جميع الأطراف – أن يقول إن مرسي أو الحزب الحاكم يسرق أو ينهب أو ...

بل إن كثيرًا من العقلاء أيضًا لا يتهمونهم أبدًا بأنهم قد عقدوا الصفقات ودبروا المؤمرات

لكن الاتهام الحقيقي أنهم يرون أنفسهم الأفضل وتلك المشكلة التي تظهر في أي حوار

إذا أردت أن تقيم الأمر فستجد أن الرئيس مرسي قدم أشياء جيدة منها:

  1. الإطاحة بالمجلس العسكري
  2. تشكيل حكومة فيها بعض الأسماء الجيدة
  3. مواقفه الخارجية الجيدة جدًا في إيران وفي غزة وغيرها
  4. الاتفاق على استثمارات خارجية مهمة من دول كتركيا والصين (بغض النظر عن مأساة الصين في سورية)
  5. اختيار مجلس استشاري جيد (وإن كنت لا أدري هل يعمل بنصائحهم أم ماذا؟)
  6. أخيرًا بعد الإعلان الدستوري كان إعادة المحاكمات وتعيين نائب عام جديد

وأهمل عدة أمور خطيرة وعلى الأهمية نفسها من الأمور السابقة، أو أخطأ في بعضها ومنها:


  1. إعادة هيكلة الداخلية بصدق بطريقة انسف حمامك القديم وليس بطريقة الإصلاح البطيء التي تعود عليه هو الآن وعلى مصر كلها بالتبعية ... وكر الثعابين


  1. إعادة هيكلة وزارة الدفاع



اقرأ لتعرف حجم المأساة، لكنني أختلف مع عماد الدين حسين في أن بعضٌ من جيل آبائنا يروي أنها حدثت مرة في عصر السادات على ما أظن في الوقت الذي أتفق معه بشدة على رأيه

يقول في مقاله: "عندما يتشاجر الباعة الجائلون فى أحد الأسواق نصفهم بالبلطجية ونطالب الشرطة بأن تستخدم القانون ضدهم لردعهم. أما أن يتشاجر الجيش والشرطة معا، فلا أعرف ما هو التوصيف الذى يمكن أن نطلقه على هذا الأمر؟!.

كيف وصل الأمر إلى ما وصل إليه؟!، ويتفرع من هذا السؤال الرئيسى عشرات بل مئات الأسئلة الفرعية من عينة: ماذا قال الضابط لزملائه وهو يقنعهم بالذهاب معه لاقتحام أو مهاجمة القسم، وكيف كان ردهم، ألم يفكروا أنهم يرتكبون جريمة وهم يتحركون لمهاجمة القسم، وهل استأذنوا قادتهم قبل التحرك لتنفيذ العملية ،أم تصرفوا من تلقاء أنفسهم، ألم يفكروا فى العقوبات التى يمكن أن تلحق بهم أو الإساءة التى سيلحقونها بصورة القوات المسلحة؟."

  1. علاج مصابي الثورة على نفقة الدولة

  1. تخفيض مصروفات كبار رجال الدولة ومنهم هو شخصيًا في تنقلاته وسفرياته


  1. وضع خطة إصلاح واضحة لجميع مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها ونشرها أمام الشعب مع تبيان للمصروفات بالضبط بصدق وشفافية


  1. خروجه أمام الشعب في خطابات دورية قصيرة دون الخطب الرنانة الشبيهة باخترناك والحديث بصدق عن كل ما يواجهه من تحديات، خاصة عقب أي حدث مهم كحادثة الأطفال وأحداث محمد محمود فاتباعه لنهج مبارك في الانعزال عن الشعب مأساة


  1. اتخاذ ردود أفعال قوية تجاه ما يحدث مثل حادثة أسيوط التي ما خرج فيها ليكلم الناس ولا ليعزيهم ولا ليذهب إليهم ولا كلف الإسعاف الطائر من الجيش بنقلهم للعلاج في القاهرة في المركز الطبي العالمي أسوة بالمخلوع أو في دار الفؤاد وتتكلف الرئاسة شخصيًا النفقات بدلًا من نفقات التأمين والحراسة

  1. أحداث محمد محمود الأخيرة التي تدل على مشكلة في المواجهة إما من الداخلية التي لم يقم بإعادة هيكلتها وترك فيها كم الفساد الموجود، أو من الفلول، أو ربما من الثوار أنفسهم وأهالي المصابين والشهداء الذين لم ينالوا حقهم

  1. تمسك الحزب الحاكم بالجمعية الدستورية على ما فيها من عوار شديد يؤكد عليه أهل الاختصاص، وعلى عدم التوافق وعلى الرغم من انسحاب الكثير منها.

  1.  بعض البنود غير الموضوعية في الإعلان الجديد

  1.  أخيرًا الخطاب من أمام قصر الاتحادية وكأنه لأنصاره فقط

كل ذلك لو كان قد بدأ فيه فقط لكان لاقى قبولًا وصبرًا من الشعب، هل بدأه في صمت؟ لا أدري.

أعلم أن التركة خربة وأن المسؤولية جسيمة، لكنني أذكر الرئيس مرسي أنه من قبل بها

لا يعني ذلك أننا سنعاقبه على هذا

لكن نسأله أن يسمح لنا أن نعاونه

نسأله أن يسأل ربه الهدى والرشاد ويجتهد ويصارحنا فلعلنا نتعاون في إنقاذ ذلك الوطن المسكين.

نذكره ونذكر أنفسنا أن كل منا سيقف فردًا ويُسأل عن مسؤولياته

أنصحه أيضًا –لا أمزح بالمناسبة- بسماع برنامج في أوروبا والدول المتخلفة ربما استطاع فهم كيف بدأ الآخرون إصلاح بلاد كانت في حالة مزرية تسوؤنا بمراحل

أسأل بلال فضل أن يهدي له الحلقات مسجلة بنفسه

ولو أن أحدكم يستطيع إيصال هذا لأحد من أبنائه عبر حساباتهم على الفيسبوك لتصل له شخصيًا، فربما كان هذا أقرب.

أحمد الصاوي يقارن مقارنة مؤلمة بين أداء الإخوان كمعارضين وبين أدائهم كحزب حاكم



أكرر في النهاية ما قلته في البداية ليس الأمر اتهامًا وإنما دعوة للتشارك

وأؤمن بما قاله الأستاذ فهمي هويدي


"إن أسهل شيء أن يتنافس البعض على كيل الاتهامات والدعوة إلى إعدام كل رموز السلطة أدبيًا وسياسيًا. وأزعم بأن كثيرين تحمسوا لهذه المهمة باعتبارها خيارا ميسورا بوسع أي أحد أن يلجأ إليه، إلى جانب أن ذلك يحقق للبعض هدفا يسعون إليه طوال الوقت وهو تصفية الحسابات السياسية والتاريخية، بصرف النظر عما إذا كان ذلك يحقق المصلحة الوطنية أم لا.

إذا قلت إن المسئولية موزعة على مختلف الأطراف، فإن ذلك لا يعنى أنها موزعة بالتساوي بينها، وانما تظل السلطة هي المسئول الأول والأكبر عن رسم السياسات وتحديد الأولويات.
نحن إذن لسنا فقط بصدد حالة تقاعس اشترك فيه الجميع، وانما أيضا بصدد ثقافة سلبية ومنظومة قيم همَّشت دور المجتمع وارتضت له ان يظل متفرجًا مكتوف الأيدي"

إذا سألني سائل هل أنت يائسة؟

لا ما زلت أتمتع بالأمل والأمل الكبير لكني حزينة على ذلك العمى الذي تعاني منه بصيرة مجتمعنا بكل أطيافه تقريبًا

رسالة منا وإلينا


أن نرى أن سوانا نكرة وأننا فاهمون عالمون ببواطن الأمور فهذا يعني أننا نعاني من مرض قلبي اسمه الكبر

وأن يتفشى الأمر فينا كمجتمع فهذا يعني أننا نعاني من مرض مجتمعي اسمه الغباء
وأن تنتشر الشتائم والسباب بين أبناء الطبقة الراقية والمثقفين فهذا يعني أننا نعاني من سوء الأدب الجماعي

وأن يصل الأمر إلى الدعاة ورجال الدين فهذا يعني أننا ندق بأيدينا ناقوس النهاية.

أن يخرج لنا داعية كنت أحبه إذ كنت صغيرة وأحب سماع شرائطه المسجلة وخفة ظله فيسب ويلعن بألفاظ نابية ويحرك يديه في ما يسمى بالشرشحة فهو أمر مخزٍ

وأن تخرج لنا امرأة محجبة من نواب مجلس الشعب السابق وعضو الجمعية التأسيسية وتقول أن كل مش شارك أمس فى أحداث محمد محمود هو كلب من كلاب الفلول والعهدة على الخبر الناقل من حسابها الشخصي على تويتر والله أعلم لكنه إن صدق فهو أمر مشين

وأن يتبادل الناس الاتهامات بالحقارة والعمالة والوقوف في وجه الثورة والعداء للإسلام وصولًا إلى الكفر فهو أمرٌ محزن

وما بين المشين والمخزي والمؤسف والمحزن نعيش يومنا نحن المصريون بعد ثورة عظيمة أردنا بها أن تغير وجه مصر بل وجه العالم العربي كله.

أسوأ ما يمكن أن نفعله وأسهله أن نسمح لأنفسنا بالحكم على الآخرين بصفات قاسية وتصنيفات مقصية، والأسوأ أننا نفعل ذلك دون تحقق أو تيقن

يحق لنا انتقاد الفعل وتبيان الخطأ واقتراح البديل وذكر الصواب

كل ذلك حق كامل ومطلق

لكن لم لا نفعل مع الالتزام بحدود الأدب دون سخرية أو استهزاء أو إهانة

ولم إن تلقينا انتقادًا مهذبًا لا نتقبله

لا تفعله من أجل الآخرين

بل افعله من أجل نفسك

من أجل احترامك لنفسك

من أجل سلامك النفسي والروحي والذهني والأخلاقي

من أجل لقاء الله ووقفة الحساب

من أجل سؤال القبر


إن الانتقاد وبيان الخطأ كانا من أهم ما اكتسبناه بعد الثورة بعد أن كنا لا نجرؤ على فعلها، لكننا أسأنا فهم الحرية


في فيديو العالم الجليل سلمان العودة تتكشف لنا آفة أخرى نعاني منها في مجتمعاتنا العربية، آفة عدم الاعتذار كأننا لا نكتفي بالخطأ والإهمال وسوء الأدب والاندفاع وعدم التحقق وإطلاق الشائعات، لكننا نكمل هذه الصورة البشعه بعدم إدراك الخطأ وعدم الاعتذار، ونطالب في الوقت نفسه بذلك لأنفسنا.


مثلًا في قطار أسيوط أو منفلوط نال العامل شتائم كثيرة ودعاوى حارقة عليه -وعلى اللي خلفوه- ثم اكتشفنا مثلًا أنه بعث واثنين من زملائه شكاوى لوزير النقل من قبل مرة تلو المرة لإصلاح المزلقان

هل اعتذرنا له؟
هل دعونا له كما دعونا عليه؟
هل استغفرنا لذنبنا؟

إن علينا دورًا في الضغط ودورًا في التطبيق

لذلك أرى أنه إلى أن يُفعل دور الدولة الذي سنظل نطالب به ونضغط ليكون واقعًا ملموسًا، علينا أن نبدأ بأنفسنا

لا تسب
لا تنقل معلومة لست متأكدًا منها
لا تحكم على الآخرين قبل أن تتأكد
لا تطلق أساسًا أحكامًا قاسية كعميل وحقير و....
لا تسلم أذنيك لشخص واحد أو جهة واحدة وأحكم عقلك
لا تقد سيارتك عكس الاتجاه
لا تلق بالقمامة في الشارع
لا تحتقر أحدًا
لا تظن نفسك العالم ببواطن الأمور أو الأعقل أو الأحكم
لا تنظر للآخرين على أنهم أقل
لا تتبع أحدًا في الاستفتاء على الدستور ...اقرأ المسودة وأحكم عقلك

أحب وطنك وأهله أرجوك
اتعب قليلًا من أجل نفسك ووطنك وأولادك فغيرك قدموا الدماء له