١٩‏/٠٣‏/٢٠١٠

خطاب عاجل إليه


هل يكتشف المرء موهبة الكتابة فجأة في نفسه أم أنه يظل طويلاً يكتب دون أن يعرف من حوله

تساءلت عن الأمر مرارًا كلما قرأت مقالة جديدة لأحمد حلمي

أحمد حلمي الكاتب صاحب موهبة جميلة في رؤية الأشياء وفي إيصال المشاعر والأحاسيس


المقالة الأخيرة كانت رائعة

http://www.dostor.org/authors/11/58/10/march/13/9356


١٦‏/٠٣‏/٢٠١٠

رحلة مختلفة أحببتها


لا أعتقد أنني سأحب مدينة مثلما أحببت وأحب وسأظل أحب الأسكندرية

يقولون أن سكان المدن الساحلية أكثر هدوءًا من غيرهم لأن نسبة اليود الموجودة في الهواء تجعلهم كذلك، وعلى الرغم من عدم تأكدي من صحة هذه المعلومة، إلا أنني أشعر كلما وطأت قدمي أرضها بمشاعر عجيبة تجتاحني وبدقات قلبي وقد ازدادت وانتظمت في نغمات جميلة وبالابتسامة تغزو وجهي دونما مبرر


اعتبرت رحلتي هذه هي الأفضل على الإطلاق، ففيها كنت أرى كل ما حولي ومن حولي جميلاً، كنت أشعر بمعنى لكل حدث أو كل حديث أو كل لمحة

كانت عودة إلى الأيام الخوالي، وإلى أماكن أحببتها، وإلى صديقات أفتقدهن

في بيت العائلة، رأيت الأخوال والخالات وأبناءهم وأحفادهم، رأيت أبناء أخي، كان الصغار يتقافزون حولنا يصرخون ويمرحون ويلعبون وأحيانا يبكون لكنهم كانوا سعداء، ذكروني بما كنا عليه سابقًا في حياة جدتي، غير أنها لم تكن تنفعل أبدًا بسبب تصرفاتنا

كانت دومًا بحر لا ينضب من الحنان والحب

ذهبت مع أمي لزيارة صديقتيها الحميمتين، صديقتين منذ الجامعة، منذ ما يزيد عن الأربعين عامًا أطال الله أعمارهن جميعًا في صحة وعمل صالح، كلما رأيتهن أشعر أن الدنيا لا تزال بخير وأن الصداقة كنزٌ لا يفنى

في اليوم التالي قابلت صديقتي، ركبت الترام من محطة الشبان المسلمين وحتى سان ستيفانو، في الطريق تعلقت عيناي بالمباني والأحياء الحبيبة وشاهدت البحر في لحظات خاطفة وهو يمر ما بين البنايات الشاهقة

في سان ستيفانو جراند بلازا، شاهدت فيلمًا سينمائيًا رائعًا، أشعرني بمشاعر متناقضة للغاية، ثم على شاطئ البحر سرت من سان ستيفانو إلى ستانلي حيث تناولت غداءي أمام البحر

كانت رحلة مختلفة شعرت بعدها أنني أفضل

ربما يحتاج المرء منا كل فترة إلى مثل ذلك ليستطيع أن يواصل

إلى مدينتي الحبيبة

كم أحبك

٠٩‏/٠٣‏/٢٠١٠

هل مضى زمن الرسل 2 من 3


الحلقة الثانية من الموضوع في رأيي يجب أن تكون عن احترام المعلم، فلا يبدو منطقيًا أن نشدو بحق الطلبة دون أن نلفت انتباهًا لما أصبح سائدًا من سوء الأدب مع المعلم بل مع قيمة العلم والمدرسة.


كما نطالب المعلم بأن يكون حنونًا متفهمًا متعاونًا صادقًا، علينا أن نربي في أبناءنا مبدأ قيمة المعلم السامية المقدسة

ولنكن على ثقة بأن العلاقة طردية كما علمونا قديمًا، فإن آمن المعلم برسالته وتعامل مع الطلبة خاصة إن كانوا أطفالاً لا يزالون صفحة فارغة يستطيع أن يكتب فيها ماشاء، فإنه بذلك يغرس فيهم حبه واحترامه وتقديره، وإذا احترم الطالب معلمه وقدَّره وقدَّر العلم الذي يمنحه إياه واجتهد أحبه المعلم، وتفانى في تعليمه وتوجيهه وإرشاده

لكن العلاقة على الرغم من تعادلها كنتيجة، فما زالت الكرة تبدأ من ملعب الكبار


من عالم الكبار بصفة عامة

من الآباء والأمهات كتربية ونشء ومن المعلمين كرسل نريد منهم الإيمان بقيمة رسالتهم


تصوروا معي عالمًا جميلاً يسوده حب العلم والمعلم


تصوروا معي عالمًا يمثل فيه المعلم كل قيمة سامية نراها حولنا


تصوروا معي جيلاً جديدًا ينقذ هذه الأمة


تصوروا الأمر واستمتعوا بجمال الصورة


ثم شمروا عن سواعدكم وهيا هيا لنبدأ كلٌ بنفسه وببيته وبأولاده أو إخوته الصغار أو أبناء إخوته


وأنا على ثقة أن الصورة ستتغير كليةً بعد سنوات ليست بالكثيرة


أنا على ثقة لأن الله يقول "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"



٠٦‏/٠٣‏/٢٠١٠

هل مضى زمن الرسل؟ المعلم ما بين قيمته وحقه 1 من 3



نشر موقع بي بي سي خبرًا عن معلم تم ضبطه في

بريطانيا لتحرشه وسلوكه الشاذ مع تلميذاته، ثم قرأت بعدها مقالاً لأحمد حلمي في الدستور يبكي فيها طفلاً عاقبه معلمه بأن جعل زميلاته يصفعنه على وجهه، ثم فاجأتنا الصحف بمعلم ضرب تلميذا في الصف الرابع حتى كُسرت يده، وأخيرًا بعثت لي صديقتي بريدًا يحكي قصة معلمة سعودية ضربت تلميذة بريطانية لديها بالحذاء*



هل عليّ أن أردد شعرًا لأحمد شوقي نحفظه جميعنا ونردده كالببغاوات دون أن نعلمه لأنفسنا أولأبنائنا ممن يريدون أن يحترفوا المهنة؟!


لن أفعل لأن ذلك البيت أصبح مرًا كالعلقم في فمي


بل لقد أصبحت أشرد فأنسى كيف يبدأ ذلك البيت وإلى أين ينتهي، ثم أتساءل بحيرة هل مضى زمن المعلمين كما مضى زمن الرسل


هل كُتب علينا أن نعيش زمنًا لم تعد فيه أي قيمة جميلة أو أي معنى ساميًا!


لقد كانت قيمة المعلم بالنسبة إلي قيمةً مقدسة، وأتمنى أن تظل ولكن...


هل التقديس هو رمز كل معلم، وهل يستحق كل من يمتهن هذه المهنة أن يكون معلمًا



لقد نشأت بين والدين يعملان في التدريس وإن اختلفت تخصصاتهما، فكان أبي معلمًا للغة العربية، بينما كانت أمي معلمةً لعلوم التمريض والطب النفسي في معاهد التمريض العالية


وبرغم اختلاف بيئة العمل، وعمر الطلبة، لأن أبي تدرج في تعليم الإعدادي والثانوي، أما أمي فكانت تعلم فتيات في سن الجامعة، فقد كانت الصفة الأساسية بينهما حب الطلبة الشديد لهما


حبًا لا نفاق فيه أو مصالح


حبًا يظل مع الأيام وتؤكده سنين ما بعد التخرج


حبًا رأيته في مصريين وسوريين وفلسطينيين وسعوديين


أذكر أننا كنا في رمضان في الحرم، وقد أدينا صلاة التراويح، ونوشك على الخروج وأبي يمسك بجدتي ويحادثها، ولأن أبي جهوري الصوت، وجدتي ضعيفة السمع، فكان صوته مرتفعًا بحيث يسمعه من حولنا، ففوجئنا بشاب كان يسير أمامنا بأمتار يعود إلينا ركضًا حتى وقف عند أبي فسلم عليه وقبل راسه وبين عينيه بل أراد أن يقبل يده وذكره بنفسه وكان طالبًا لديه في الثانوية منذ 15 عامًا


قال له لقد سمعتك وأنا بالقرب من الباب إن صوتك خرق أذني ونفذ فورًا إلى قلبي، لا يمكنني أن أنسى صوتك ولا لمسة يديك لأذني عندما كنت تعاقبني فتفرك أذني


إذن لم يكن أبي ملاكًا لا يؤذي، بل كان يعاقب ويؤذي ويؤلم


ولكن إيذاءًا يملك القلب لا يدميه


أليس لدينا أمرًا وسطًا بعد أن كنا نسمى أمةً وسطًا


هل يجب دائمًا أن يكون المعلم مهانًا أو جبارًا



*في قصة الطفل الذي صُفع كان أحمد حلمي يحاول أن يحلل مشاعر المعلم الذي انحدرت انسانيته إذا حق لنا أن نسميه بإنسان إلى هذا المستوى، وما الذي تعرض له في طفولته وحياته أدى به إلى هذا وهل سنظل في تلك الدائة المفرغة نسيء لبعضنا البعض فننشأ بعقد تؤذي الآخرين


أما أنا فجعلت أتصور أنه لم يدمر فقط نفسية الطفل، بل وبما التلميذات من زميلاته، ففي مثل هذه المواقف الرهيبة فإن الفاعل والمفعول به يكونان تعرضا لإرهاب مدمر




أما في قصة المعلمة السعودية فالتلميذة لم تسكت عن حقها ورفعت قضية على المعلمة وعوقبت المعلمة بالجلد في ساحة المدرسة أمام التلميذة ووالدها، كان البريد يبكي حال المسلمين الذين ينصفون أعداء الدين


لكن أليس الآخرون بشرًا يبكون ويبكى عليهم


لم أتعاطف مع المعلمة سوى في نقطة واحدة فقط


أن العقاب كان يجب أن يكون من جنس العمل لا أكثر منه فالجلد أكبر بكثير من الضرب، أو لربما كان الخبر مبالغًا فيه وكان الجلد بسعف النخل كما يفعلون كثيرًا، وليس بالسوط كما يتصور البعض عند ذكر كلمة جلد


نعم لم أتعاطف



لم أتعاطف لأن هذه ليست بأخلاق المعلم فضلاً عن إنها إساءة بالغة للإسلام أمام طالبة كان يمكن أن تشدو بأخلاق المسلمين إذا عوملت جيدًا


لم أتعاطف لأنها كانت من الممكن أن تكون طالبة بنجلاديشية أو هندية ووقتها ربما لم تكن لترفع قضية أو لم تكن لتنصفها المحاكم إن فعلت


لم أتعاطف لأنني تذكرت قصة سيدنا عمر عندما أنصف القبطي الذي جاء إليه من مصر للمدينة موقنًا من عدله يشكو ظلم ابن سيدنا عمرو بن العاص وجلده إياه لفوزه بالسباق ضده، تذكرت كلمة الفاروق الخالدة

"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا ؟!"


**الموضوع من ثلاثة أجزاء وهو مهدى إلى


أبي وأمي أول معلمين وأهم شخصين في حياتي


إلى أ/صفية معلمة اللغة العربية

وأ/منى معلمة اللغة الإنجليزية

وأ/سناء معلمتي السورية الحبيبة معلمة اللغة العربية


إلى أ/أمجد، وأ/محمود، وأ/علي


إلى أ/عبد المحسن، وأ/صبحي، وأ/سعيد


إلى د/منى النموري، ود/منى خضر، ود/هاني بكلية الآداب


إلى د/عبد العزيز، وأ/أحمد مجاهد، وأ/أحمد عبد المنعم، وأ/أشرف، ود/محمد النشار بالجامعة الأمريكية



إلى مصطفى نبيه وياسر وسحر


إلى يوسف وريهام ومحمد عبد الكريم ومحمد فكري وأسماء


وإلى مس لبنى


إلى كل من علمني حرفًا


إليكم جميعًا


أدين إليكم بالكثير


جزاكم الله عني خير الجزاء

الأندلس أرض العبر



يقولون إن الأسبان عندما أرادوا الإطاحة بالأندلس، بدءوا يدرسون اهتمامات الأندلسيين

فبعثوا بجواسيس تنقب عن الشباب فوجدوا أن الشباب لا يهمهم إلا العبادة وحفظ القرآن والأحاديث وتعلم العلم كالطب أو الأدب أو حرفة كالعمارة، ورأوهم يتبارون في حفظ الآيات وفي تفسيرها

فعادوا يقولون لأمرائهم ليس الآن وقتهم، ولا بعد مائة عام

ثم عادوا بعدها بأعوام عديدة ليتصيدوا الأخبار، فوجدوا الشباب لا يزالون على العهد القديم وإن دخلت إليهم اهتماماتٌ جديدة، فأصبحت الرياضة والرماية وركوب الخيل والشعر والأدب ومجالس العلم قد أصبحت على الساحة مع علوم الدين والطب والفقه والعمارة،

فعادوا لأمرائهم وقالوا أمهلوهم فما زلنا لا نقوى عليهم،

ثم عادوا بعد أعوام أخرى عديدة فوجدوا شابًا يبكي على كتف صديقه يشكو له أنه قد بعث بقصيدة يبكي فيه لوعته وشوقه لحبيبته لكن قلبها قد من صخر، وهي عازمة على فراقه،


فعادوا وقالوا لأمرائهم

الآن وإلا فلا


مقالة للأستاذ
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2010/03/blog-post_04.html