٠٧‏/٠٥‏/٢٠٠٩

دارين الحبيبة


أنا حزينة ، وربما لا زلت كذلك حتى الآن وإن كنت أكثر هدوءًا.

أفكر بها كثيرًا، بل هي لا تغيب عن بالي مطلقًا.

أراها بوجهها المشرق الصغير وعينيها البريئتين، جميلة ورقيقة وحنونة.
خطت بخطوات أولى عامها الثالث منذ شهور.

على الهاتف أقول لها دومًا: وحشتيني جدًا يا دودي، أنا وحشتك؟ فترد: أوي أوي، أنا عايزة آجي عندك يا عمتو.

من البداية وأنا شديدة التعلق بها وبأخيها بل ربما أنا شديدة التعلق بالصغار حتى سن الخامسة أو السادسة بدءًا منذ أن كنت طفلة تكبر أخيها وأختها الصغيرين، مرورًا بصغار أبناء أخوالي وخالاتي، وصولاً إلى أبناء أخي الأكبر.

ما أحزنني للغاية الحالة التي وصلت لها تلك الصغيرة بسبب أسبوعين فقط من فراقها لوالدها الذي سافر للسعودية عند أبي للعمرة. منذ ولادتها وهي شديدة التعلق بوالدها، لكنني وبحق لم أكن أتصور أنها مرتبطة به إلى هذا الحد. منذ أن ودعته في المطار، وهي تبكي. وظلت تبكي ليومين، ثم بدأت بعدها بالانطواء على نفسها، وأخيرًا بدأ نموها اللفظي ينتكس؛ فبعد أن كانت قد بدأت في تكوين جمل طويلة مفهومة وواضحة، بدأت تتلعثم وتتحدث بنوع من التهتهة.

في أول الأمر كانت تبكي بشدة عندما يحادثها والدها على الهاتف أو على الإنترنت، أما الآن فهي لا تريد محادثته وتعبر عن الأمر بأنها غاضبة منه وأن "بابا وحش".

وبعد أن كان أخي يريد المكوث هناك شهرًا كاملاً، أخذ يبحث عن حجز سريع ليعود إلى مصر في أول طائرة.


إذا ما تفكرت في الأمر لقلت "إيه التفاهة دي، ومهتمين ومزعلين نفسكوا" لكنني عندما تفكرت جيدًا في ما حدث، أفزعني أمران:

الأول: كم هي صعبة عملية التربية! وكم من الممكن أن نخطئ في حق أبنائنا على المستوى النفسي والعاطفي دون قصد ودون أن نعرف ما قد يحدث.


أتساءل بوجل هل من الممكن أن تؤثر هذه الواقعة على شخصيتها فيما بعد؟! اللهم لا.

الثاني: فكرة اليتم - حفظ الله أخي وزوجته، وحفظ الجميع وأبناءهم – وما مدى صعوبتها. والدي يتيم – وإلى الآن وهو شيخ يخطو في عقده الثامن أطال الله لنا عمره – يروي عن يتمه بعين دامعة.


أما ذلك الذي يبتلى بفقد أمه فهو لطيم – حفظنا الله جميعًا – ولكن هلا جعلنا ذلك نعيد التفكير في معاملتنا للأيتام، إن كانوا من معارفنا أولاً – وللأيتام بوجه عام في كل دور رعاية الأيتام، فهلا جعلنا الأمر من أولوياتنا ولو كل حين.

هناك ٤ تعليقات:

Shimo يقول...

يااااااااااه فكرة وملاحظة حساسة جدًا قد لا يدركها الكثير. أحيي في أخيكي اهتمامه بالعودة لمجرد إحساسه بتأثر أبنته.
وأحيي فيكي الخروج من النطاق الشخصي إلى النطاق العام
برافو
شيماء

eemoo يقول...

جميل أوي ياروبي..
حقيقي بيعجبني إنتباهك لكل حاجة بتحصل حوالينا ومحاولة التفكر فيها والوقوف عندها.
مش شايفة الموضوع تافه أبدا.. بالعكس شايفة وبصراحة أنه تتفيه المواضيع اللي زي دي واحد من أكبر مشاكلنا.. إن شاء الله داري تتحسن .. وإحنا كمان نتعلم ونحاول نخرج من نفسنا وننفع غيرنا...

لاسع افندى يقول...

تحيه لاخيكى لعودته بسرعه وارجوه ان ياخذ الامر بجديه بعد عودته ويراجع احد المتخصصين فى علم النفس ليستطيع ازالة سبب تعاسة ابنته

روز يقول...

ألف سلامة عليها يا رحاب!

وفعلا، التربية دي مشكلة عويصة جدا..

ربنا يحفظ اخوكي ومراته من كل سوء، ويحفظ لكل واحد باباه ومامته :)