بعثت لي صديقتي الحبيبة مي رسالة فيها مقال لكاتب أو قارئ أو مدون سعودي، لا أعرف على وجه الدقة، لكن المقال أعجبني لأنه صادق ويعبر عن حال مجتمعاتهم.
إليكم المقال، اقرؤوه جيدًا ثم أعود لأعلق عليه.
إليكم المقال، اقرؤوه جيدًا ثم أعود لأعلق عليه.
نيشيكاوا و الكلب
عبدالله المغلوث*
قبل أربعة أعوام جمعني وشابين سعوديين وأمريكياً مصعد في جامعة ويبر الحكومية بمدينة أوجدن، في ولاية يوتاه الأمريكية. كاد المصعد ينهمر دموعا تعاطفا مع الأمريكي الذي انهال عليه أحد السعوديين المراهقين تهكما بلغة عربية. كان السعودي يهزأ من لحية الأشقر وبنطلونه. و من شعره وأنفه مستغلا عدم فهمه لما يقول. وخلال محاولتنا إيقاف قصف مواطننا فوجئنا بالأمريكي يلتفت نحونا مبتسماً، ووجهه يفيض سلاما، ويقول لنا بلغة عربية هادئة "ليس كل أشقر لا يجيد العربية. أنا من أصل سوري. أنا مصدوم مما قال رفيقكما، لكن ماذا عساي أن أقول؟".
وفي أمريكا أيضا، أذكر أنني ونحو 15 طالبا أجنبيا تكدسنا في شقة زميل ياباني، ودار بيننا حوار طويل حول العادات والتقاليد المختلفة في كل بلد، وسألنا مضيفنا (نيشيكاوا) قبل أن ننصرف من شقته أن نلقي قصيدة بلغتنا الأم. وقد تبرع أحد الزملاء السعوديين بإلقاء قصيدة نيابة عنا نحن معشر الطلاب العرب في تلك الشقة، حيث كان يبلغ عددنا وقتئذ 5 من السعودية، والإمارات، ومصر.
وقد ارتجل صاحبنا بتصرف البيت الأول لقصيدة ابن الرومي التي هجا فيه حاجب الوزير:وَجهُك يا نيشيكاوا، فيهِ طولُ... وفي وُجوهِ الكلابِ طُول
وحينما سأل نيشيكاوا صاحبنا عن معنى القصيدة أجابه بأنها تعني أن وجهك فيه ضوء لا يضاهيه سوى ضوء الشمس!
وقبل أن نفرغ من تقريع صاحبنا على اختياره وسلوكه اتصل به نيشيكاوا، الذي أدرك معنى البيت الحقيقي عن طريق أحد الزملاء، معبرا عن غضبه الهائل الذي طالنا أجمعين،
حيث عاهد نفسه ألا يصادق عربيا طوال حياته بسبب قصيدة ابن الرومي التي رماها صاحبنا في وجهه
.الموقفان السابقان يعكسان وجود خلل في سلوكياتنا. هذا السلوك الذي لم ندرسه ولم نتعلمه. هذا السلوك الذي جعلنا نرتكب حماقات لا تغتفر.
سألني صديق سنغافوري سمع بقصة ابن جلدتنا مع نيشيكاوا "ألم تدرسوا (قود مانرزـ good manners) في مدارسكم؟
ما قام به زميلكم حتى ولو كان على سبيل الدعابة سلوك غير مقبول خاصة أنه كذب في معنى القصيدة".
الإجابة المرة أننا لم ندرس هذه الأبجديات ولا نألفها.
لا أنسى الإحراجات التي تعرضت لها في بداية انتقالي للدراسة في أمريكا.
فكان النادل والسائق والمعلم والسباك يتعاملون معي كطفل، فكلما أسدوا لي خدمة أو طلبت منهم شيئا ونسيت أن ابتسم وأن أشكرهم كما ينبغي
رددوا على مسامعي العبارة الشهيرة: ماذا عن الكلمات السحرية (وات أباوت ذا ماجيك ووردز ـ what about magic words)؟ ويقصدون بها: شكرا، أنا ممتن، من فضلك، أرجوك وغيرها.
هذه الكلمات لم تدخل قاموسنا إلا مؤخراً، لم تدخل إلا بعد أن بلغنا من العمر عتيا، وأرسينا قواعد هشة لعلاقاتنا مع الآخرين.
يجزم لي الطبيب محمد السليماني الذي يعمل في مستشفى خاص أنه يستطيع أن يكتشف الطفل السعودي ولو من بين مئة طفل يلعبون في فناء كبير بسبب سلوكياتهم وليس بسبب هيئتهم"
ربما أطفالنا يشبهون الأطفال الهنود والسوريين والمصريين لكن يختلفون عنهم في سلوكياتهم.
يتعاملون مع الممرضات كالخدم.
يضربونهن ويرفعون أصواتهم عليهن".
سألت مهندس بترول هولندياً تعرفت عليه خلال زيارة قام بها للسعودية استغرقت شهرين عن أبرز ما استوقفه خلال فترة وجوده بيننا
فقال "تعاملكم مع السائقين. شاهدت فتى يافعا ربما يبلغ عمره عشر سنوات يركل السائق بإلحاح. لفتني كهل يصرخ في وجه سائقه. أعتقد أن لديكم مشكلة ".
في دول العالم شرقها وغربها ووسطها يتعلمون السلوكيات ابتداء من الصف الأول حتى التاسع وفي مرحلة الثانوية يدرسون قيم التعلم (فاليوز إديوكيشن ـ values education) وفي الجامعة الأخلاق (الإثيكس) بينما نتجاهلها نحن.
سيتفاقم الشعور السلبي تجاهنا إذا استمررنا في إهمال تقويم سلوكياتنا وعدم تدريس أدبياتها باكراً،
سينصرف نيشيكاوا ورفاقه عنا وسنبقى وحيدين، معزولين نردد قصائدنا الخوالي ونتهكم على بعضنا البعض!
*كاتب سعودي
هناك ٤ تعليقات:
المقال مهم بالفعل، ويكشف عن الهوة الأخلاقية التي يتردى فيها الجميع كل يوم، شكرا على هذا الموضوع القيم.
جميل إننا نحط ايدنا ع المشاكل دي.. وفعلاً مشكلتنا في مصر بقت مشكلة أخلاق في المقام الأول.. عارفه! كنا لسه بنتناقش ف الموضوع ده في دورة تدريبية بعنوان "أخلاقيات وسلوكيات المهنة" ولسه بنقول لازم كل واحد يبدأ بنفسه ويبقى قدوة في مجاله أياً كان ومش شرط نوع المهنة.. فالسواق له سلوكيات وأخلاقيات خاصة بمهنته وكذلك القاضي والمدرس والطبيب.. وإن كان كل مجال له خصوصياته فكلنا لا نختلف على حبنا للنظام والخير والعدل والجمال.. فليه نبص ع الوحش والسئ ومتدني الأخلاق ونقول مالدنيا كلها بقت كده.. وأنا بقى اللي هاغير الكون؟! أيوه ممكن نغير لما نعرف إن كلنا عندنا مشاكل في سلوكياتنا أياً كانت بقى درجة حدتها وبعدها عن المطلوب .. فبجد لازم كل واحد يبدأ بنفسه ويبص ف مرايته ويعترف بعيوبه ويحاول يصلحها.. وكفايه بقى نظام سرد العيوب والمشاكل والحوادث بلا علاج! وعلى رأي المثل "لا تعايرني ولا أعايرك! الهم طايلني وطايلك!" فياريت كل واحد يركز ف سلوكياته هو قبل مايقول رأيه ف اللي وصلنا له!
إن هذه السلوكيات هى باتأكيد سلوكيات خاطئة قد صدرت من بعض العرب أو المسلمين لأنهم نسيوا تعاليم الإسلام ولم يتربوا تربية إسلامية صحيحة فالسمو بالأخلاق من من أهم مبادئ الإسلام ديننا الحنيف ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
وقد كان رسول الله أحسن الناس خلقاً مع كل الناس المسلم وغير المسلم والشواهد على ذلك كثيرة فعلى سبيل المثال هناك موقف ما معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان له جار يهودى وكان هذا اليهودى يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل يوم يضع القمامة والقاذورات أمام بيت رسول الله وذات يوم لم يجد رسول الله القاذورات أمام بيته فسأل عن جاره اليهودى فقيل له أنه مريض فذهب رسول الله لزيارته ولما رآه اليهودى تعجب وقال له أدينكم يأمركم بهذا فقال صلى الله عليه وسلم نعم فقال اليهودى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله
انا استغرب من سلوكياتنا فنحن نعمل كل مانرفضه انا دائما اقول عن الشعوب العربيه اننا شعب متدين جدا معدوم الضمير
تحيه على تسليط الضوء على اى سلبيات ربما تغير سلوك ولو عشرة افراد بسبب هذا المقال
إرسال تعليق