لست أدري هل سأستطيع الكتابة أم لا؟ الكتابة عن كل ما يعتمل بعقلي من أفكار بعد أن بات أشبه بسفينة يتلقفها بحر هائج متلاطم الأمواج، يتخبط بين أفكار حسنة وسيئة، إيجابية وسلبية، تفاؤلية وتشاؤمية، مبهجة وبائسة، لأجد نفسي في النهاية أحمل حيرة شديدة بكل المشاعر حزن وبؤس وغضب وحماسة وتفاؤل وقوة وفرح وحلم.
أتابع السياسة وأخبار الوطن فأكتئب ويعتريني الخوف ويلهج قلبي ولساني بالدعاء له وعلى الظالمين، وأرى أننا جميعًا ندور في حلقة مفرغة من الأنانية والغباء وممارسة الأخطاء ذاتها وعدم الاعتراف بالخطأ وإيجاد المبررات وخلق الفراعين ومدح غير منطقي وكره غير مبرر ونسيان للأحداث متعمد أو ساذج.
في لحظات أكره الجميع، النظام السابق والمجلس العسكري والأحزاب والتيارات والإخوان بل حتى الشباب، وأرى مصر تتمزق بيننا وفي طياتها الفقراء والبسطاء.
أبتعد وأحاول القراءة فتقع في يديّ روايات رائعة أبدعها كما أرى وطنيون لكنها مرهقة مؤلمة تزهق الروح وتؤلم النفس وتستدعي الدموع قسرًا مقتل فخر الدين ثم غرفة العناية المركزة وأخيرًا فيرتيجو.
هل فكر آينشتاين ومن قبله نيوتن حين فكرا في أبعاد الزمان والمكان أن هناك بُعدًا آخر يفصل بين الناس ويجعل بعضهم يعيش في عالم آخر؟ هل فكر كم يمكن أن تنظر لأناس مثلك كما لو كنت ترى عالمًا آخر ومخلوقات أخرى؟ هل فكرنا كم يعيش حولنا من وحوش يرتدون أقنعة آدمية؟
أشاهد حلقة من حلقات ما ذنب فاطمة جول فأبتئس ليس فقط لأن المسلسل دقيق ورفيع المستوى على غير عادة المسلسلات التركية، لكن لأنه مأخوذ أيضًا عن قصة حقيقية تعرض لأبشع ظلم وانتهاك وعنف يمكن أن يمارس ضد المرأة. لكنه أحيانًا وبنفس الكيفية يمارس ذد أمم وشعوب. هل تتصور كيف يمكن أن ينحدر الإنسان إلى مستوى الحيوان وكيف يتحول أحيانًا إلى شيطان، وكيف يعتمل الخير والشر في نفوس البشر وكيف يمكن أن تدمر لحظة ضعف في حياة شخص حياة آخرين؟ كيف خططت حكومات سابقة لممارسة هذا السلوك الشيطاني ضمن خطة ممنهجة على شعوب كاملة من قتل للرجال والشباب واغتصاب للنساء والفتيات كما حدث في فلسطين والبوسنة وكشمير وباكستان وغيرها في استهداف لشريحة الشباب والفتيات تحديدًا رغبةً في تدمير الشعب كله بالقضاء على شبابه وفتياته آباء وأمهات المستقبل؟
في فيرتيجو تحديدًا مقطع يصف مخطط لتنفيذ مذبحة يُنهي اجتماعه الدموي ليحدث أحفاده واعدًا إياهم بنزهة. ظلت المطرقة تطرق في رأسي مرارًا وأنا اتساءل بعد قراءتي لهذا المقطع، كيف نشأ هؤلاء ومتى جاءت لحظة التحول؟ هل يولدون هكذا؟
أسمتع لأنغام وهي تشدو "شيلتو من على عيني الستاير" وأتساءل هل أزيلت حقًا؟ تمتلأ عيناي بالدموع وأنا أسمع الشيخ إمام وهو يقول مصر يا ما يا بهية ثم يؤكد أننا شعب طيب والطيبة فينا بلوى.
أحاول أن أنام فيستدعي عقلي كل الصور الممكنة حمزة الخطيب وأنس السعيدي وطل الملوحي وست البنات المصرية وعزة التي دافعت عنها وشهداء ما قبل الثورة وما بعدها بدءًا من سليمان خاطر مرورًا بالمعتقلين والمعذبين وصولاً إلى كل الاسماء التي حفظناها ليتساءل عقلي هل في الوقت الذي أنام أنا فيه منعمة على سرير مريح وفي بيت آمن، يُعذب آخر وتنتهك كرامة أخرى؟
أنام في النهاية من شدة إرهاقي فتزورني أضغاث أحلام تجمع بين كل أفكاري فأرى طل وفاطمة وست البنات يجلسن في جانب يتبادلن الهموم ومن بعيد يقف حمدي بدين مع مبارك وعمر سليمان، وفي أقصى الصورة أرى الشاطر وبديع وعصام سلطان وأبو اسماعيل وأبو الفتوح على طاولة وأيديهم على رؤوسهم.
أصحو ليوم جديد بصداع أصبح مزمنًا ورقبة مؤلمة وذاكرة باتت كمرضى الآلزاهايمر وأتساءل وأنا أنظر في مرآتي، هل أنا على وشك الانهيار؟
لا أنكر أنني وسط كل ذلك، تزورني لحظات كثيرة من السعادة عندما ألتقي بصديقات من الله بهن عليّ أو عندما أشتاق لأبناء أخوي أو عندما أذهب لرسالة وألتقي بشباب مصر الخير الجميل أو عندما أبكي بين يدي الله بصدق، لكن لحظات ضيقي زادت وأنا في الأصل لا أميل للكآبة لذلك أنا أختنق وبشدة.
هناك تعليقان (٢):
أولاً الكلام واصف الإحساس حلو أوي
ثانيًا، أرجوكِ خدي هدنة يا رحاب من الأحداث والمسلسلات وأي حاجة كئيبة وبتوجع وافتكري الهدف:
ركزي على اللي يساعدك تعملي حاجة وتساعدي الناس، أحيانًا شيل الستائر كلها مرة واحدة يؤدي إلى انهيار يرجع لورا ويضعف ميقويش
بحبك في الله :-)
سيجعل الله بعد العسر يسرًا.. الضيق والحزن ده من الشيطان لا تستسلمي له.. بالعكس، انهضِ واعملِ ولا تلقي بالاً لما يحزنك.. اجعلي مما ترينه دافعًا لك على النهوض والصمود والعمل الدؤوب..
إرسال تعليق