إلى السادة أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وإلى د. عصام شرف رئيس الوزراء والسادة الوزراء
تحية طيبة وبعد
أعلم أن المسؤوليات التي ألقيت على عاتقكم كبيرة لكننا على ثقة أن البلاد في أيدٍ أمينة لن تخذلنا. لم تقم الثورة إلا في سبيل إصلاح البلاد وإنهاء حالة إهانة الكرامة والانهيار الاقتصادي والتدهور العلمي والأخلاقي والاجتماعي التي عانينا منها لسنوات.
كانت مطالب الثورة مشروعة ومنطقية بناءً على أن الإصلاح السياسي في أي دولة هو اللبنة الأساسية للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والذي يجب أن يعلم الجميع أنه لن يحدث أبدًا في طرفة عين ولن يحدث إلا إذا تكاتفت جهود الجميع من كل الطوائف الاجتماعية والسياسية والدينية – كما حدث في ميدان التحرير – نحو هدف واحد أساسي.
لذلك أدعوكم وأنا واحدة من بنات هذه الثورة، لبعض الحزم ونحن – نيابةً عن الكثير من أبناء وبنات الثورة بل من أبناء الشعب – معكم قلبًا وقالبًا.
نعم نعم الحزم في وجه كل من يحاول قلقلة أمن البلاد بممارسات سخيفة مكشوفة للغاية. حزم دون قسوة كقسوة الداخلية القديمة – وأنا أثق أنه لم يعد مجال للقسوة والتعذيب والعنف بيننا الآن.
إن ماحدث في كنيسة أطفيح وما حدث أمس في منشية ناصر - سلوك ينأى عنه كل مسلم ومسيحي ملتزم بدينه متبع لخطوات النبيين عيسى ومحمد عليهما أفضل الصلاة والسلام. إن كل ما يحدث ما هو إلا ممارسات لفئة مغيبة عانت الكثير في السنوات السابقة ولم يعد لديها أي حكمة أو علم أو عقل تعمله للتعامل مع مثل هذه الأمور.
فما حدث في منشية ناصر تحديدًا تكرار لما حدث من شهور قليلة في المكان نفسه ومن الأشخاص أنفسهم إبان مشكلة إنفلونزا الخنازير ثم كنيسة القديسيين التي اتضح لنا مدبريها.
المشكلة ليست في الدين ولا في المسيحيين أو المسلمين. المشكلة في العقلية التي تعودت على أن العنف هو الحل، ولا سبيل لذلك إلا بتعليمها وتصحيح مفاهيمها وهو ما لن يتأتى لنا فورًا ولا بعد سنة. الأمر يحتاج إلى بضع سنوات من الإرادة والجهد والعزم ومن الحزم مع المخطئ.
هل استفز المسيحيون المسلمين؟ نعم لكن المسلمون أيضًا سبق واستفزوا المسيحيين في إطفيح.
ليست هذه هي الطريقة التي تعالج بها الأمور. من البادئ والبادئ أظلم
لا لا يمكن أن نتهم المسلمين أو المسيحيين وحدهم. هي أخطاء نشارك جميعنا فيها بالرؤية والفكر والتربية للأبناء.
إن تلك الفئة هي فئة مسكينة لم تتعلم أو تتثقف. لم يعاملها أحد من قبل بحكمة وعقل وتفهم. اعتادوا على الممارسات العنيفة ضد بعضهم البعض على مر أعوام كثيرة، وأصبحت تلك هي اللغة التي يفهمونها. تلك هي اللغة التي يجب أن نمحوها من أذهاننا وأذهانهم لنرسخ بعدها آداب الحوار والتعايش في مجتمع واحد.
لذلك وجب ممارسة الحزم - أؤكد مرةً أخرى الحزم دون قسوة أو عنف - والتهديد بالقبض على كل من يمارس أي فعل يمكن أن يؤدي إلى اضطراب أمن البلاد، بل يمكن أن يهدد من يفعل ذلك بإحالته إلى محاكمة بتهمة الخيانة كما ينص الدستور وتطبيق الأمر بالفعل على من يستحق.
ستواجهون – ولا شك في هذا – أنتم كممثلين لمنصب الرئاسة وحكومة د. عصام شرف العديد من العوائق والمصاعب فلا تيأسوا لأن المهمة جسيمة لكن الغاية أعظم واعلموا أن كل شريف في هذا الوطن وما أكثرهم خلفكم ومعكم.
لا تيأسوا لأننا يجب أن نتعلم اللعبة جيدًا وأن نمارسها بقواعدنا نحن. إن المستفيدين من النظام السابق يستغلون تلك الطبقة المقهورة بالتحريض تارة وبالمال تارة، وسيظلون يحاولون جهدهم لإدراك كل ما يمكن إدراكه وتقليل حجم الخسائر التي تكبدونها، فإذا وجدوا منا إصرارًا وعزيمة على الاستمرار فسيعرفون حينها أنهم يواجهون حائطًا منيعًا.
"ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"
أدعو اللواء منصور العيسوي إلى إعادة الأمن سريعًا للبلاد، وإلى إجراء تعديلات سريعة مؤقتة على هيكل النظام وإجراء حركة تنقلات بين صفوف الضباط حتى لا تحدث مصادمات جديدة بين الناس وضباط معروفين لديهم إلى أن يتم التحقيق الدقيق لمعرفة المسيئين ومعاقبتهم.
أدعوه إيضًا هو أولاً ومن يعقبه بهيكلة كاملة ومدروسة لذلك الجهاز الحيوي المهم وتحديد صلاحيات كل جهاز فيه وإنشاء هيئة تحقيق مع المسيئين فيه وتغيير مناهج كلية الشرطة لنجد أنفسنا بعد سنوات قليلة ولدينا جهاز داخلية من أفضل الأجهزة في العالم خلقًا وقوة.
ثقوا أن نصر الله قريب وأن الغلبة للعدل والحق باستعانتنا بالله وثقتنا وإيمانننا به أولاً وإصرارنا وصبرنا ثانيًا.
أكرر - أننا أخوانكم وأبناؤكم - معكم قلبًا وقالبًا طالما كنتم على طريق الحق والحرية والأمن.
إن مصر فيها من الشرفاء والمخلصين الكثير ولن ندع أحدًا يهدم ما بنيناه أبدًا والله معنا جميعًا ولن يخذلنا.