٢٠‏/٠٦‏/٢٠٠٧

يوم الأرض



يوم الأرض


تأخرت على غير عادتها
أتصل بها تخبرني أنها في نزهة مع صديقتها وستتأخر
" *على فين؟
*لما أرجع الموضوع كبير"
ينقضي يومي ما بين المنزل والكمبيوتروقليلٌ من الدراسة فما زال هناك وقت
تعود فأمطرها كعادتي بالأسئلة
"* كنت في الأوبرااااااا
كأنها ستخرج لي لسانها
*كده يا ندلة؟! أيه الأخوات اللي أي كلام دول؟
إزاي وإمتى وفين وإيه رأيك؟؟؟؟؟؟؟؟؟"

مع صديقتها ريهام الفلسطينية مدعوون ليوم الأرض
حفل ترعاه سفارة الدولة المنكوبة –نكبة الأمة والدين- عبارة عن سكتشات وفقرات مسرحية وغنائية قصيرة من الفلكلور الفلسطيني
تعدني العام القادم نذهب سويا
*أكيد
*قولي إن شاء الله
*إن شاء الله


تمر الأيام تباعا ويأتي اليوم الموعود من العام القادم أو الحالي
نستعد جيدا
نتفق مع شقيقي الأكبر ليظل متواجدا بالمنزل مع الجدة الحبيبة، لأن أمي الغالية جداً جداً جداً- معلش أصلها وحشتني أوبيييييييييييييييي- هناااااااااااااك مع أبي الحبيب والطيب جداً جداً جداً برضه- أعمل أيه أصله واحشني جداً جداً
المهم كده هندخل في موضوع تاني


سيف أبدى استعداده وقال لنا ما تقلقوش على نينا
عبد الرحمن قال لنا خلصوا الحفلة كلها حتى لو متأخرة وأنا هاجي أخدكم

كله تمام
اتفقت مع مي على الميعاد
خرجت من الظهر مع صافي أختي وصديقتها ريهام- الفلسطينية وعلى الموعد كنا أمام الأوبرا
اتصل بمي "أنا في السكة"
دخلنا ووقفنا أمام القاعة
الجو خانق
اتصل بمي تكنسل عليّ – من فعل كنسل يكنسل كنسلة-
انتظرها خارجاَ
وفجأة تفتح القاعة يدخل الجميع
انتظر مي
أرى القاعة قد أغلقت
غيري يحاول الدخول بلا أمل
تصل مي
نحاول الدخول لافائدة
حفصة وريهام داخلا ماذا نفعل؟
نحاول الدخول مجدداً
نو نو نو أمل
في الاستراحة أرى حفصة من النوافذ
أشعر بأني أو بأنها سجناء
أحدث عبد الرحمن،وأتفق معه على الموعد
أعطيها هاتفها وأرحل



تسألني مي ماذا دهاك؟
كيف كنت هادئة معي إلى هذه الدرجة ؟



ابتسم حائرة
اتساءل في طريق عودتي
حقاً كيف كنت هادئة؟
كنت سعيدة جدا لهدوئي وقلت أنا مقتنعة إني لم يكن لي نصيب في حضورها
هذا كل شيء.....
لكن جُل ما كنت أفكر فيه وقتها كان أمرين متباعدين:

1. الأول على المستوى الشخصي: لم لا أكون هادئة مع أفراد أسرتي كما أنا خارج المنزل صبورة وهادئة؟!

ما علينا .. فوتوا ده


2. الثاني على المستوى العام:مدى معاناة الفلسطينين على المستوى الشخصي حتى من غير القاطنين في داخل البلاد والمتعاملين مع الاحتلال بشكل مباشر.


فقد حدث موقفان لم استطع أن أمحوهما من ذهني لمدة طويلة ولعدة أيام بعدها ظللت أفكر طويلا فيهما

الأول
ونحن ننتظر علّنا نستطيع الدخول تضحك سيدة فلسطينية بمرارة وتقول دايماً نحنا هيك عبارة عن محتجزين ورهائن
نحنا أساساً مش من فلسطين بس جدي هاجر واتجوز هونيك ما كان يعرف شو راح يصير في أحفاده

أما الثاني
نكتة مريرة رواها أحدهم لصديقه
النكتة تقول "يوم القيامة المؤمنين هيدخلوا الجنة والكفار النار والفلسطينين يدوهم خيام ويجلسوا في النص"

متخيلين طعم المرارة اللي في الكلام والصوت،لهجة ومرارة توجعك وتشعرك بكم تقصير كبير أوي في حق أمتك





يومها تذكرت شعور صديقتي الفلسطينية فينان عندما قالت لي منذ عشرة سنوات ونحن في المرحلة الثانوية

"عارفة يا رحاب شعور المشرد "الهوم ليس" إحنا هيك ما إلنا وطن لأنه وطننا مانعينا ندخله ولا بيعطونا وطن غيره ولما بنعيش في غيره دايما يحسسونا إنه نحنا لاجئين"

تذكرت يومها تميم البرغوثي الشاعر الفلسطيني الشاب ابن مريد البرغوثي الشاعر الجميل الحساس وابن رضوى عاشور الأديبة المصرية وأستاذة الأدب الإنجليزي بكلية الآداب جامعة عين شمس

تذكرت قصته ثم بعدها تحدثت مع هبة عنه فقالت لي سأبعث لك قصيدته وعندما عدت لمنزلي وجدت مي قد بعثتها فأعادني الأمر إلى شعوري الحزين يوم الأرض
الأرض السليبة الحبيبة لا على قلوب أبنائها فحسب ولكن على قلوبنا جميعاً
اللهم ارزقنا صلاة في الأقصى قبل الممات وأسعد عيوننا برؤيته محرراً ورؤية أمتك مرفوعة الشأن يا أرحم الراحمين


أقرأوا القصيدة – ويا ريت ما تطنشوش زي قصائد إسكندريلا- وبعدين احكموا يمكن مش هعرف أدافع عن مصر لأن مصر اللي بيقول عليها دي هي مصر الحكومة
مصر القوانين
مصر الروتين الغبي والمجرد من كل إحساس ومشاعر
مصر اللي بتتجاهل ولادها قبل غيرهم
مصر اللي أيمن بهجت قمر بيقول عليها إنه بيحبها مووت حتى و هي مطلعة عينه


قالوا لي بتحب مصر



قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف


المعنى كعبة وانا بوَفْد الحروف طايف


وألف مغزل قصايد في الإدين لافف


قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف


أنا لما اشوف مصر ع الصفحة بكون خايف


ما يجيش في بالي هرم ما يجيش في بالي نيل


ما يجيش في بالي غيطان خضرا وشمس أصيل


ولا جزوع فلاحين لو يعدلوها تميل


حكم الليالي ياخدهم في الحصاد محاصيل


ويلبّسوهم فراعنة ساعة التمثيل


وساعة الجد فيه سخرة وإسماعيل


ما يجيش في بالي عرابي ونظرته في الخيل


وسعد باشا وفريد وبقيّة التماثيل


ولا أم كلثوم في خِمسانها ولا المنديل


الصبح في التاكسي صوتها مبوظُّه التسجيل


ما يجيش في بالي العبور وسفارة اسرائيل


ولا الحضارة اللي واجعة دماغنا جيل ورا جيل


قالولي بتحب مصر أخدني صمت طويل


وجت في بالي ابتسامة وانتهت بعويل


قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف


لكني عارف بإني إبن رضوى عاشور


أمي اللي حَمْلَها ما ينحسب بشهور


الحب في قلبها والحرب خيط مضفور


تصبر على الشمس تبرد والنجوم تدفى


ولو تسابق زمنها تسبقه ويحفى


تكتب في كار الأمومة م الكتب ألفين


طفلة تحمّي الغزالة وتطعم العصفور


وتذنِّب الدهر لو يغلط بنظرة عين


وبنظرة أو طبطبة ترضى عليه فيدور


وأمي حافظة شوارع مصر بالسنتي


تقول لمصر يا حاجّة ترّد يا بنتي


تقولها احكي لي فتقول ابدأي إنتي


وأمي حافظة السِيَر أصل السِيَر كارها


تكتب بحبر الليالي تقوم تنوَّرْها


وتقول يا حاجة إذا ما فرحتي وحزنتي


وفين ما كنتي أسجل ما أرى للناس


تفضل رسايل غرام للي يقدّرها


أمي وأبويا التقوا والحر للحرة


شاعر من الضفة برغوثي وإسمه مريد


قالولها ده أجنبي، ما يجوزش بالمرة


قالت لهم ياالعبيد اللي ملوكها عبيد


من إمتى كانت رام الله من بلاد برة


يا ناس يا أهل البلد شارياه وشاريني


من يعترض ع المحبة لما ربّي يريد


كان الجواب إن واحد سافر اسرائيل


وأنا أبويا قالوا له يللا ع الترحيل


دلوقت جه دوري لاجل بلادي تنفيني


وتشيِّب أمي في عشرينها وعشريني


يا أهل مصر قولوا لي بس كام مرة


ها تعاقِبوها على حُبَّ الفلسطيني


قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف


بحب أقعد على القهوة بدون أشغال


شيشة وزبادي ومناقشة في مآل الحال


وبصبصة ع البنات اللي قوامهم عال


لكن وشوشهم عماير هدها الزلزال


بحب لمعي وحلابِسَّة ومُحِّب جمال


أروح لهم عربية خابطة في تروللي


كإنها ورقِة مِسودّة مرميّة


جوّاها متشخبطة ومتكرمشة هيّه


أو شلّة الصوف، أو عقدة حسابيّه


سبعين مهندس ولا يقدر على حلي


فيجيبوا كل مفكّاتهم وصواميلهم


ويجرّبوا كل ألاعيبهم وتحاييلهم


ساعات كمان يغلطوا ويجربوا فيّه


بس الأكيد أنهم بيحاولوا في مشاكلي


وإنها دايماً أهون من مشاكلهم


أحب أقعد على القهوة مع القاعدين


وأبص في وشوش بشر مش مخلوقين من طين


واحد كإنه تحتمس، يشرب القرفة


والتاني غلبان يلف اللقمة في الجرانين


والتالتة من بلكونتها تنادي الواد


والواد بيلعب وغالبهم ثلاثة اتنين


أتوبيس كإنه كوساية محشي بني آدمين


أقول بحكم القاموس، إن الهواء جماد


وأشم ريحة شياط بس اللي شايفه رماد


عكازة الشيخ منين نابت عليها زناد


يسند على الناس ويعرج من شمال ليمين


والراديو جايب خبر م القدس أو بغداد


قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف


قطر الندى قاعدة بتبيع فجل بالحزمة


أميرة عازز عليها تشحت اللقمة


عريانة ما سترها إلا الضل والضلمة


والشعر الابيض يزيد حرمة على حرمة


والقلب قايد مداين زي فرشة نور


والفرشة واكلاها عتة والمداين بور


اللي يشوفها يقول صادقة حكاوي الجن


واللي يشوفها يقول كل الحقايق زور


عزيزة القوم عزيزة تشتغل في بيوت


عشر سنين عمرها لكن حلال ع الموت


صبية تمشي تقع ويقولو حكم السن


وسِتّها شعرها أصفر وكلّه بُكَل


كإنها مربية فيه اربعين كتكوت


ووشها زي وش الحاكم العربي


كإن خالقها راسمها على نبوت


تحكم وقطر الندى تسمع لها وتئن


أصل البعيدة وليّة أمرها، عجبي


على الهوا بحجة الكسوة يقيموا له سور


أحكي يا قطر الندى والا ما لوش لازمة


حكاية ابن الأصول تفضل معاه لازمة


فيه ناس بتلدغ وناس ليها البكا لازمة


ياللي سطلت الخليفة بجوز عينين وشعور


كنت سما للأغاني والأغاني طيور


مين اللي باعك، عدوك، بعض أولادك


مين اللي كانوا عبيدك صاروا أسيادك


مين اللي سمى السلاسل في إديك دِبَل


مين اللي خط الكتاب مين كانوا أشهادك


وازّاي متى سألوكي "هل قبلتِ به"


سكتِّ ومشيتِ يا مولاتي في الزفة


لبنان وغزة وعراق فينا العدو تشفى


حطوا جثثنا يا حاجة تحت سجادك


ووقفت تستنى خيط الدم يبقى بحور


قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف


لا جيتها سايح ولاني أعمي مش شايف


بلد علمها انمزع والرفّا في المساجين


ومهر مربوط في كارو وباله في البساتين


وابو زيد سلامة على كرسي وكيس جلوكوز


لجنة مشايخ تناقش فتوة الأراجوز


سؤال نعيش أو نموت، فيه لا يجوز ويجوز


لو السقوف خايخة نسندها بحجارة وطوب


لكن ده لوح القزاز كله ضرب تشريخ


لو الولد حرف في الآية، ها يبقى يتوب


بس المصيبة إذا الآية اخترعها الشيخ


يا مصر كومة حروف إبر المعاني فين


إبر بتجرح إيدينا قبل ما بتبان


نسرك في بال السما بيقول حدودها منين


نسرك بياكله الصدا في بدلة السجان


يا قلعة السجن يا قلعة صلاح الدين


أنا بقولك وأهلي ع الكلام شاهدين


لو كنت حرة ما كناش نبقى محتلين


والناس شكاير صريخ رابطين عليها سكوت


آهات سَكوتَة كإن الأرض مستشفى


مطرودة منها الدكاترة ف سجن أو منفى


والناس بتسأل هنصبر والا نتوفى


فيه ناس تقول زي بعضه دول نوعين م الصبر


وناس تقول زي بعضه دول نوعين م الموت


يا مصر بعض التسامح يبقى عار وبأجر


إفتكري "لا تحسبّن" مكتوبة فوق كام قبر


والتار يبات يصحى تاني لو يشيب الدهر


والتار حصان غير لصاحبه ما يلين ضهر


والتار تار العرب وعشان كده تار مصر


قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف


لا جيتها سايح ولاني أعمى مش شايف


ولاني هايف اردّ بخفّة وبسرعة


وكل من رد يا كذاب يا هايف


أصل المحبة بسيطة ومصر تركيبة


ومصر حلوة ومُرَّة وشِرْحة وكئيبة


دا نا اختصر منصب الشمس وأقول شمعة


ولا اختصر مصر وانده مصر يا حبيبة


يا أهل مصر اسمعوني واسمعوا الباقيين


إن كنت انا رحّلوني كلنا راحلين


يا أهل مصر يا أصحابي يا نور العين


يا شنطة المدرسة يا دفتر العناوين


يا ضغطة البنت بلكراسة ع النهدين


ترقص قصاد المراية، واحنا مش شايفين


يا صحن سلطان حسن يا صحن كحك وتين


يا ألف مدنة وجرس، لألف ملّة ودين


يا أهل مصر اسمعوني، والكلام أمانات


قلتولي بتحب مصر فقلت مش عارف


روحوا اسألوا مصر هيّه عندها الإجابات



تميم البرغوثي
http://www.alriyadh.com/2006/02/09/article129291.html




هناك ٤ تعليقات:

عمر عاشق القرآن يقول...

1- بالنسبة للنقطة الاولى (هدوءك بره البيت) : لا تعليق بس انا كمان كده

2- معاناة الفلسطينيين فى الخارج : مش كلهم اكيد ..بس فيه بيعانوا وفيه نسيوا وباعوا القشية

3- الشعر :: اكثر من رائع

mesteka يقول...

المدونه اول مره ادخلها بس جميله بجد وطريقتك اجمل خصوصا موضوع واحد اتنين ترتيب المعلومات يارب يبقي في مصر ترتيب كدا الاهم ثم المهم

Marwa Friday يقول...

صباح الورد يارحاب
أولا ربنا يعينك على الامتحانات
ثانيا ..التدوينة جميلة ..وطوووووووووووووويلة ..بس هايلة القصيدة بتاعة تميم البرغوثي ..هايلة هايلة
إزيك يا رورو ..أخبارك إيه ؟! تمااااااااام يا افندم

l0ma يقول...

انا برضة عندى نفس المشكلة بتاعت الهدوء برة البيت دى ومبعرفش خالص اسيطر وانا فى البيت
حلو اوى البوست اما بالنسبة للقصيدة فاكتر من راااااااااااااائعة وبجد اشكرك انك متعتينا بيها