٠٥‏/١٠‏/٢٠١٢

بعد الموقعة



بعد الموقعة
فيلم انتظرته منذ أن سمعت عنه، لأنني كنت أريد أن أرى البعد الآخر، أفهم الجانب الآخر، أشاهد الزاوية الأخرى.
يبدأ الفيلم في إطار أحداث ما بعد مارس 2011 وقت الاستفتاء على التعديلات الدستورية، ويبدأ بحوار بين ناشطين حقوقين حول أحداث تحرش بفتيات وما يمكن أن تتغير فيه مصر من هذا الإطار في يوم المرأة العالمي.
بعدها وبمصادفة بحتة، تذهب بطلة الفيلم ريم "منة شلبي" مع صديقة طبيبة بيطرية إلى نزلة السمان في إطار مساعدة الصديقة للخيالة في العناية بخيولهم وجمالهم. وتذهب وكلها تحفز لأولئك الذين أسموهم بلطجية ومن هاجموا الثورة والثوار.
هناك تشاهد محمود البيطار "باسم سمرة" وهو يعامل أسوأ معاملة من الأصدقاء ومن موظفي الجمعية التي تقدم لهم العلف بسبب مشاركته في الهجوم على الميدان يوم موقعة الجمل لتؤلمك كلمة الخيال وهو يناشد الطبيب فيقول "خد الحصان بس أكله"، فهو ذلك الشهير الذي ظهر في كل الصور والفيديوهات عن قرب وهو يتلقى الضربات واللكمات والصفعات القاسية الشديدة المتلاحقة.
لسبب غير معروف، تقدم على مساعدته وتكتشف أنه زوج وأب، وتتوالى الأحداث في إطار متسارع مفهوم حينًا وغير مفهوم أحيانًا لتنتهي بمساعدة كثير من الناشطين السياسيين والحقوقين لأهالي نزلة السمان.
مشاهد أعجبتني
المشهد الأول:
 الشجار بين الأب وابنه عندما اكتشف الأب أن ابنه لا يريد الذهاب للمدرسة شجار عنيف وضرب من الأب لابنه، مشهد عنيف يُخفي وراءه حبًا كبيرًا من الأب لابنه الذي يرغب في تعليمه حتى لا يلقى مصيره، وحبًا كبيرًا من الابن لأبيه وهو يرفض أن يصارحه بأن سبب عزوفه عن الذهاب للمدرسة تنكيل زملاؤه به وتجريحهم في شخص والده واتهامهم بأنه "مش راجل".
المشهد الثاني:
 مشهد النقاش بين ريم ومحمود والمصارحة بكل ما في البلد والمكان والمنطقة من مآسي لترى كم تخفي مصر في جوفها من أشقياء تعساء متعبون. مأساة أهالي نزلة السمان لم تبدأ بعد موقعة الجمل، بل هي قائمة منذ أن بنت هيئة الآثار السور الكبير الذي خنقهم في إطار إنشائها لمبنى الصوت والضوء هناك، فحجبوا عنهم الأهرام وأبا الهول فكأنهم حجبوا عنهم الماء والهواء. وتبدو الرسومات التي خطتها أيديهم ظاهرة على السور انعكاسًا لإصرارهم على البقاء في المنطقة.
المشهد الثالث:

 مشهد النقاش بين ريم وزوجها في إطار علاقة عجيبة كلها ضعف وعدم فهم عندما يتهم زوجها أهل نزلة السمان بأنهم "هلاسين" فتقول له ريم "وإنت مش بتهلس؟!". أفراد هلاسين حشاشين لا قيم لهم ولا مبادئ الفارق الوحيد بينهم أن أولئك أبناء طبقة راقية متعلمة، وأن أولئك أبناء طبقة كادحة.
المشهد الرابع:
في الميدان، عندما تعرف هالة إحدى الناشطات أن محمد هو من أهالي نزلة السمان
-          "يا نهارك إسود! مش إنت قلت إنك من الهرم؟!"
-          "وتفرق إيه؟!"
-          "لا تفرق دي غير دي"
الحوار وإن كان في إطار المزاح لكنه كان انعكاسًا لنظريات التعميم والتصنيف التي تعشش في عقولنا وقلوبنا وتمتد جذورها عميقًا.
في أحداث ماسبيرو، تبدو النهاية عندما يذهب محمود لأول مرة مع ريم ويهتف من أجل مصر، ويتلقى طلقة في جنبه لينتهي الفيلم في عربة إسعاف في مشهد أشبه بنهاية مفتوحة تتردد فيها أنفاسه مسموعة مع مشهد صعوده للهرم الذي كان حديث الخيالة في نزلة السمان.

تقييمي للفيلم من حيث إعجابي به أن دون المستوى المتوقع. من وجهة نظري بوصفي مجرد مشاهدة، أعطيه 2 من 5. لم يُعجبني الفيلم في الحقيقة، أو أنني كنت أنتظر أن أشاهدة Master piece لكنني شاهدت فيلمًا غير موضوعي على كل النواحي تقريبًا.
جاءت البداية مع مشهد فج للغاية، جعل صديقتي تشهق بجواري في السينما، والأسوأ أنه كان مشهدًا ليس له أي معنى أو توظيف درامي على الإطلاق.
شخصية ريم شخصية باهتة غير قوية لا تستطيع التعاطف معها أو الإيمان بها على الرغم من تقديرك لما تفعله لكنك في الوقت نفسه لست متأكدًا عن الدافع من ورائه.

بالإضافة إلى أن يسري نصر الله قدم صورة أحادية للثورة والثوار، قدم فقط ثوار الطبقة الراقية الذين لا يتورعون عن إقامة العلاقات وشرب البيرة وتدخين الحشيش والسخرية من غيرهم.

لم أر ثوار الطبقة المتوسطة مسلمين ومسيحيين متدينين وغير متدينين

لم أر ثوار الطبقة الكادحة


لم أر ثوار يجمعون بين المبادئ والقيم التي رأيناها في بعضهم وبصدق
شخصية محمود البيطار شخصية كادحة مسكينة مضللة وكان باسم سمرة جيدًا في أدائها

أجمل شخصية في الفيلم هي شخصية فاطمة أو فاطنة كما تنطقها صاحبتها "ناهد السباعي" فهي شخصية شديدة العمق كما أن الأداء كان رائعًا. قد يبدو الأمر غير مفهوم في تفسير العلاقة بينها وبين ريم خاصة عندما يكتشف المشاهد أنها تعلم جيدًا ما بينها وبين زوجها، لكنني بعد تفكر وجدت أنها حكمة شديدة وحب كبير منها. تفهم كامل أنها لحظة ضعف غبية من زوجها، وتسامح كبير وزائد منها، وأمومة رائعة على ولديها.

وعلى الرغم من ضعفها الشديد تجاه زوجها الذي لا يبرره أنها أعلى منه تعليمًا وأكثر منه حكمة، فقد كانت هي الشخصية الوحيدة التي تنظر للغد وتسعى إلى التغيير.
 

الطفلان كانا رائعين لأنهما طبيعان للغاية وأعتقد أنهما من نزلة السمان بالفعل، خاصة عبد الله الابن الأكبر، وحبهما للخيل الذي يتجلى في مشهد تسللهما ليلاً ليمتطيا حصان والدهما ويختالان به تحت أنظار والدهما المتربصة الباكية.
الفيلم ليس سيئًا لكنه لا يرقى لما كنت أنتظره


ليست هناك تعليقات: