سأحكي لكم ثلاثة مواقف سأربط بينها بخاطرة
الموقف الأول: اقرأ آية "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" وأتوقع إن المقصود هو جهاد المشركين، الجهاد بمعناه الشائع أي القتال
ثم أكبر وأعلم أن الجهاد أنواع، منها – بل أعلاه – جهاد النفس
الموقف الثاني: اقرأ رواية عزازيل - تحكي قصة راهب وحوار دائم مع شيطانه، عزازيل أو مع نفسه الأمارة بالسوء – وتستوقفني عبارة هي الأجمل لصدقها الشديد
"يا هيبا قلت لك مراراً إنني لا أجيء ولا أذهب، أنت الذي تجيء لي حين تشاء، فأنا آت إليك منك وبك وفيك.. أنا حامل أوزارك وأوهامك ومآسيك أنا الذي لا غني لك عنه ولا غني لغيرك"
الحقيقة إذن أن مآسينا لا تنبع دومًا من الشيطان وإنما من النفس، إبليس وسوس لأبينا وأمنا لكنهما انساقا وراءه، وهكذا نفعل جميعًا
الموقف الثالث: أشاهد حلقة جميلة في تلفزيون الحياة تتحدث فيها إحدى الداعيات - التي لا أذكر اسمها للأسف - عن خلق الحياء، فتقول أن ذلك الخلق - شعبة من الإيمان – مع خلق الأمانة هما أول الأخلاق التي تُنزع من الناس قبل قيام القيامة ويتسلمهما الله بنفسه، واستطردت فقالت إن الحياء ثلاثة مراتب
الحياء من الناس
الحياء من الله
الحياء من النفس
وهو أعلى الأنواع
تعالوا لنفكر في تلك المواقف مجاهدة النفس ومدافعة الشيطان أو النفس الأمارة بالسوء والحياء
كنت أرى دومًا أن مجاهدة النفس هي الطاعة في ذاتها، فمعنى أني أجاهد نفسي أنها هداية من الله، وهو أمر لا يفتقر إلى الصحة لكنه غير مكتمل، فلفظة "لنهدينهم سبلنا" لا يُقصد بها – والله أعلم – الهداية بوجه عام وإن هي فتح السُبل
هل يذكر كل منكم أمه أو جدته عندما تدعو ربنا "يفتحها في وشك"
نعم هو ذات المفهوم فأنت تجاهد في الطاعة تجاهد شيطانك ونفسك الأمارة بالسوء وكسلك وحب الدنيا وتدعو فيهديك الله لسبل أفضل وأفضل
يفتح السبل أمامك لطاعته أكثر فأكثر فيبعث لك صديقًا صالحًا أو كتابًا جيدًا أو فكرة عظيمة أو طاعة جديدة
ييسر لك برَ والديك أو خلقًا محمودًا تتحلى به أو مذمومًا تتخلى عنه
والحياء أيضًا هو نوع من مجاهدة النفس فأنت تستحي من الله ومن الناس ومن نفسك أن تقع في مثل هذه المعصية، وهكذا
أخيرًا شعرت أن أفكاري قد سارت في الاتجاه الصحيح، ولما قررت أن استوثق وجدت في تفسيرها ما هو أعظم
وجدت تشابهًا بينها وبين الحديث القدسي
"أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة"
وكذلك آية "من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب"
الله يتقرب إليك أكثر من تقربك له ويرزقك، والرزق هنا كهداية الله للسبل المتنوعة فالرزق معناه أوسع من رزق المال أو العمل أو الأولاد وغير ذلك
الرزق قد يكون أخًا صالحًا أو تقىً أو عفافًا أو صلاحًا أو رضًا
فلا ترضخ أبدًا لضعف أو كسل، وجاهد فمعك المولى ليهديك سبله
بالنسبة للرواية رابط جيد
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=115903
بالنسبة للتفسير
http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/ShowFatwa.php?Option=FatwaId&lang=A&Id=54245