٣٠‏/٠٤‏/٢٠١٠

حل عبقري


تفتق ذهن نواب الحزب الوطني عن حل مريح وسريع وسهل لا يكلف الدولة إلا ثمن الرصاص، ويريحهم من مشكلات عدة كعدد السكان ومشكلات المعارضة والمظاهرات وأي قلاقل تقلق راحة سيادتهم، وكان هذا الحل العبقري هو طلب بعضهم ضرب المتظاهرين بالرصاص، وذكرني ذلك بطرفة لطيفة كنا نتناقلها أيام الطفولة حيث نشأت في السعودية يقولون أن فرنسي وإيطالي وسعودي ويمني استقلوا طائرة وحصل عطل فقرر طاقم الطائرة تخفيف وزنها وطلب من الركاب إلقاء كل ما ليس بمهم فألقى الفرنسي كل العطور وقال لدي الكثير منها في فرنسا وألقى الإيطالي كل الأحذية وقال لدي الكثير منها في إيطاليا أما السعودي فألقى اليمني وقال لدينا الكثير منه في السعودية


وهكذا استطعت أن أتفهم وجهة نظر السادة النواب فاستراح قلبي وهدأت

١٩‏/٠٣‏/٢٠١٠

خطاب عاجل إليه


هل يكتشف المرء موهبة الكتابة فجأة في نفسه أم أنه يظل طويلاً يكتب دون أن يعرف من حوله

تساءلت عن الأمر مرارًا كلما قرأت مقالة جديدة لأحمد حلمي

أحمد حلمي الكاتب صاحب موهبة جميلة في رؤية الأشياء وفي إيصال المشاعر والأحاسيس


المقالة الأخيرة كانت رائعة

http://www.dostor.org/authors/11/58/10/march/13/9356


١٦‏/٠٣‏/٢٠١٠

رحلة مختلفة أحببتها


لا أعتقد أنني سأحب مدينة مثلما أحببت وأحب وسأظل أحب الأسكندرية

يقولون أن سكان المدن الساحلية أكثر هدوءًا من غيرهم لأن نسبة اليود الموجودة في الهواء تجعلهم كذلك، وعلى الرغم من عدم تأكدي من صحة هذه المعلومة، إلا أنني أشعر كلما وطأت قدمي أرضها بمشاعر عجيبة تجتاحني وبدقات قلبي وقد ازدادت وانتظمت في نغمات جميلة وبالابتسامة تغزو وجهي دونما مبرر


اعتبرت رحلتي هذه هي الأفضل على الإطلاق، ففيها كنت أرى كل ما حولي ومن حولي جميلاً، كنت أشعر بمعنى لكل حدث أو كل حديث أو كل لمحة

كانت عودة إلى الأيام الخوالي، وإلى أماكن أحببتها، وإلى صديقات أفتقدهن

في بيت العائلة، رأيت الأخوال والخالات وأبناءهم وأحفادهم، رأيت أبناء أخي، كان الصغار يتقافزون حولنا يصرخون ويمرحون ويلعبون وأحيانا يبكون لكنهم كانوا سعداء، ذكروني بما كنا عليه سابقًا في حياة جدتي، غير أنها لم تكن تنفعل أبدًا بسبب تصرفاتنا

كانت دومًا بحر لا ينضب من الحنان والحب

ذهبت مع أمي لزيارة صديقتيها الحميمتين، صديقتين منذ الجامعة، منذ ما يزيد عن الأربعين عامًا أطال الله أعمارهن جميعًا في صحة وعمل صالح، كلما رأيتهن أشعر أن الدنيا لا تزال بخير وأن الصداقة كنزٌ لا يفنى

في اليوم التالي قابلت صديقتي، ركبت الترام من محطة الشبان المسلمين وحتى سان ستيفانو، في الطريق تعلقت عيناي بالمباني والأحياء الحبيبة وشاهدت البحر في لحظات خاطفة وهو يمر ما بين البنايات الشاهقة

في سان ستيفانو جراند بلازا، شاهدت فيلمًا سينمائيًا رائعًا، أشعرني بمشاعر متناقضة للغاية، ثم على شاطئ البحر سرت من سان ستيفانو إلى ستانلي حيث تناولت غداءي أمام البحر

كانت رحلة مختلفة شعرت بعدها أنني أفضل

ربما يحتاج المرء منا كل فترة إلى مثل ذلك ليستطيع أن يواصل

إلى مدينتي الحبيبة

كم أحبك

٠٩‏/٠٣‏/٢٠١٠

هل مضى زمن الرسل 2 من 3


الحلقة الثانية من الموضوع في رأيي يجب أن تكون عن احترام المعلم، فلا يبدو منطقيًا أن نشدو بحق الطلبة دون أن نلفت انتباهًا لما أصبح سائدًا من سوء الأدب مع المعلم بل مع قيمة العلم والمدرسة.


كما نطالب المعلم بأن يكون حنونًا متفهمًا متعاونًا صادقًا، علينا أن نربي في أبناءنا مبدأ قيمة المعلم السامية المقدسة

ولنكن على ثقة بأن العلاقة طردية كما علمونا قديمًا، فإن آمن المعلم برسالته وتعامل مع الطلبة خاصة إن كانوا أطفالاً لا يزالون صفحة فارغة يستطيع أن يكتب فيها ماشاء، فإنه بذلك يغرس فيهم حبه واحترامه وتقديره، وإذا احترم الطالب معلمه وقدَّره وقدَّر العلم الذي يمنحه إياه واجتهد أحبه المعلم، وتفانى في تعليمه وتوجيهه وإرشاده

لكن العلاقة على الرغم من تعادلها كنتيجة، فما زالت الكرة تبدأ من ملعب الكبار


من عالم الكبار بصفة عامة

من الآباء والأمهات كتربية ونشء ومن المعلمين كرسل نريد منهم الإيمان بقيمة رسالتهم


تصوروا معي عالمًا جميلاً يسوده حب العلم والمعلم


تصوروا معي عالمًا يمثل فيه المعلم كل قيمة سامية نراها حولنا


تصوروا معي جيلاً جديدًا ينقذ هذه الأمة


تصوروا الأمر واستمتعوا بجمال الصورة


ثم شمروا عن سواعدكم وهيا هيا لنبدأ كلٌ بنفسه وببيته وبأولاده أو إخوته الصغار أو أبناء إخوته


وأنا على ثقة أن الصورة ستتغير كليةً بعد سنوات ليست بالكثيرة


أنا على ثقة لأن الله يقول "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"



٠٦‏/٠٣‏/٢٠١٠

هل مضى زمن الرسل؟ المعلم ما بين قيمته وحقه 1 من 3



نشر موقع بي بي سي خبرًا عن معلم تم ضبطه في

بريطانيا لتحرشه وسلوكه الشاذ مع تلميذاته، ثم قرأت بعدها مقالاً لأحمد حلمي في الدستور يبكي فيها طفلاً عاقبه معلمه بأن جعل زميلاته يصفعنه على وجهه، ثم فاجأتنا الصحف بمعلم ضرب تلميذا في الصف الرابع حتى كُسرت يده، وأخيرًا بعثت لي صديقتي بريدًا يحكي قصة معلمة سعودية ضربت تلميذة بريطانية لديها بالحذاء*



هل عليّ أن أردد شعرًا لأحمد شوقي نحفظه جميعنا ونردده كالببغاوات دون أن نعلمه لأنفسنا أولأبنائنا ممن يريدون أن يحترفوا المهنة؟!


لن أفعل لأن ذلك البيت أصبح مرًا كالعلقم في فمي


بل لقد أصبحت أشرد فأنسى كيف يبدأ ذلك البيت وإلى أين ينتهي، ثم أتساءل بحيرة هل مضى زمن المعلمين كما مضى زمن الرسل


هل كُتب علينا أن نعيش زمنًا لم تعد فيه أي قيمة جميلة أو أي معنى ساميًا!


لقد كانت قيمة المعلم بالنسبة إلي قيمةً مقدسة، وأتمنى أن تظل ولكن...


هل التقديس هو رمز كل معلم، وهل يستحق كل من يمتهن هذه المهنة أن يكون معلمًا



لقد نشأت بين والدين يعملان في التدريس وإن اختلفت تخصصاتهما، فكان أبي معلمًا للغة العربية، بينما كانت أمي معلمةً لعلوم التمريض والطب النفسي في معاهد التمريض العالية


وبرغم اختلاف بيئة العمل، وعمر الطلبة، لأن أبي تدرج في تعليم الإعدادي والثانوي، أما أمي فكانت تعلم فتيات في سن الجامعة، فقد كانت الصفة الأساسية بينهما حب الطلبة الشديد لهما


حبًا لا نفاق فيه أو مصالح


حبًا يظل مع الأيام وتؤكده سنين ما بعد التخرج


حبًا رأيته في مصريين وسوريين وفلسطينيين وسعوديين


أذكر أننا كنا في رمضان في الحرم، وقد أدينا صلاة التراويح، ونوشك على الخروج وأبي يمسك بجدتي ويحادثها، ولأن أبي جهوري الصوت، وجدتي ضعيفة السمع، فكان صوته مرتفعًا بحيث يسمعه من حولنا، ففوجئنا بشاب كان يسير أمامنا بأمتار يعود إلينا ركضًا حتى وقف عند أبي فسلم عليه وقبل راسه وبين عينيه بل أراد أن يقبل يده وذكره بنفسه وكان طالبًا لديه في الثانوية منذ 15 عامًا


قال له لقد سمعتك وأنا بالقرب من الباب إن صوتك خرق أذني ونفذ فورًا إلى قلبي، لا يمكنني أن أنسى صوتك ولا لمسة يديك لأذني عندما كنت تعاقبني فتفرك أذني


إذن لم يكن أبي ملاكًا لا يؤذي، بل كان يعاقب ويؤذي ويؤلم


ولكن إيذاءًا يملك القلب لا يدميه


أليس لدينا أمرًا وسطًا بعد أن كنا نسمى أمةً وسطًا


هل يجب دائمًا أن يكون المعلم مهانًا أو جبارًا



*في قصة الطفل الذي صُفع كان أحمد حلمي يحاول أن يحلل مشاعر المعلم الذي انحدرت انسانيته إذا حق لنا أن نسميه بإنسان إلى هذا المستوى، وما الذي تعرض له في طفولته وحياته أدى به إلى هذا وهل سنظل في تلك الدائة المفرغة نسيء لبعضنا البعض فننشأ بعقد تؤذي الآخرين


أما أنا فجعلت أتصور أنه لم يدمر فقط نفسية الطفل، بل وبما التلميذات من زميلاته، ففي مثل هذه المواقف الرهيبة فإن الفاعل والمفعول به يكونان تعرضا لإرهاب مدمر




أما في قصة المعلمة السعودية فالتلميذة لم تسكت عن حقها ورفعت قضية على المعلمة وعوقبت المعلمة بالجلد في ساحة المدرسة أمام التلميذة ووالدها، كان البريد يبكي حال المسلمين الذين ينصفون أعداء الدين


لكن أليس الآخرون بشرًا يبكون ويبكى عليهم


لم أتعاطف مع المعلمة سوى في نقطة واحدة فقط


أن العقاب كان يجب أن يكون من جنس العمل لا أكثر منه فالجلد أكبر بكثير من الضرب، أو لربما كان الخبر مبالغًا فيه وكان الجلد بسعف النخل كما يفعلون كثيرًا، وليس بالسوط كما يتصور البعض عند ذكر كلمة جلد


نعم لم أتعاطف



لم أتعاطف لأن هذه ليست بأخلاق المعلم فضلاً عن إنها إساءة بالغة للإسلام أمام طالبة كان يمكن أن تشدو بأخلاق المسلمين إذا عوملت جيدًا


لم أتعاطف لأنها كانت من الممكن أن تكون طالبة بنجلاديشية أو هندية ووقتها ربما لم تكن لترفع قضية أو لم تكن لتنصفها المحاكم إن فعلت


لم أتعاطف لأنني تذكرت قصة سيدنا عمر عندما أنصف القبطي الذي جاء إليه من مصر للمدينة موقنًا من عدله يشكو ظلم ابن سيدنا عمرو بن العاص وجلده إياه لفوزه بالسباق ضده، تذكرت كلمة الفاروق الخالدة

"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا ؟!"


**الموضوع من ثلاثة أجزاء وهو مهدى إلى


أبي وأمي أول معلمين وأهم شخصين في حياتي


إلى أ/صفية معلمة اللغة العربية

وأ/منى معلمة اللغة الإنجليزية

وأ/سناء معلمتي السورية الحبيبة معلمة اللغة العربية


إلى أ/أمجد، وأ/محمود، وأ/علي


إلى أ/عبد المحسن، وأ/صبحي، وأ/سعيد


إلى د/منى النموري، ود/منى خضر، ود/هاني بكلية الآداب


إلى د/عبد العزيز، وأ/أحمد مجاهد، وأ/أحمد عبد المنعم، وأ/أشرف، ود/محمد النشار بالجامعة الأمريكية



إلى مصطفى نبيه وياسر وسحر


إلى يوسف وريهام ومحمد عبد الكريم ومحمد فكري وأسماء


وإلى مس لبنى


إلى كل من علمني حرفًا


إليكم جميعًا


أدين إليكم بالكثير


جزاكم الله عني خير الجزاء

الأندلس أرض العبر



يقولون إن الأسبان عندما أرادوا الإطاحة بالأندلس، بدءوا يدرسون اهتمامات الأندلسيين

فبعثوا بجواسيس تنقب عن الشباب فوجدوا أن الشباب لا يهمهم إلا العبادة وحفظ القرآن والأحاديث وتعلم العلم كالطب أو الأدب أو حرفة كالعمارة، ورأوهم يتبارون في حفظ الآيات وفي تفسيرها

فعادوا يقولون لأمرائهم ليس الآن وقتهم، ولا بعد مائة عام

ثم عادوا بعدها بأعوام عديدة ليتصيدوا الأخبار، فوجدوا الشباب لا يزالون على العهد القديم وإن دخلت إليهم اهتماماتٌ جديدة، فأصبحت الرياضة والرماية وركوب الخيل والشعر والأدب ومجالس العلم قد أصبحت على الساحة مع علوم الدين والطب والفقه والعمارة،

فعادوا لأمرائهم وقالوا أمهلوهم فما زلنا لا نقوى عليهم،

ثم عادوا بعد أعوام أخرى عديدة فوجدوا شابًا يبكي على كتف صديقه يشكو له أنه قد بعث بقصيدة يبكي فيه لوعته وشوقه لحبيبته لكن قلبها قد من صخر، وهي عازمة على فراقه،


فعادوا وقالوا لأمرائهم

الآن وإلا فلا


مقالة للأستاذ
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2010/03/blog-post_04.html

٢٧‏/٠٢‏/٢٠١٠

خدعوك فالوا المولد النبوي


خلال الاحتفال بالمولد النبوي كثيرًا ما نسمع حديث
"كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار"

وكثيرًا ما نحتار في آراء العلماء في معنى الحديث

حلقات برنامج خدعوك فقالوا
ترد عن كل التساؤلات

الحلقة الأولى

http://www.youtube.com/watch?v=DiGO8F4uS44



١٣‏/٠٢‏/٢٠١٠

سؤال بيطرح نفسه


إذا كان اهتمام الإعلام المصري صادقًا في تشجيع الرياضة عامةً وفي تشجيع مصر خاصةً، فلم لم نسمع أي شيء عن بطولة الأمم الأفريقية لكرة اليد ؟!

١٦‏/٠١‏/٢٠١٠

زمن الفرسان


كنت أتنقل بين القنوات أبحث عن شيء يثير شهيتي للمشاهدة، فرأيت مشهد لأحمد ماهر في دورٍ أعتقد أنه من أجمل أدواره في مسلسل قديم، مسلسل الفرسان الذي كان يحكي عن زمن سقوط الدولة العباسية على يد التتار

كان المشهد هو وفاة جنكيز خان ووصاياه لأولاده وحفيده هولاكو، كان جنكيز خان يقول

"إن المسلمين لو اتحدوا لصاروا أعظم قوة لا قبل لكم بها، قوة لا يمكنكم أن تتغلبوا عليها مهما فعلتم، لكن الفرقة بينهم والتي يجب ألا تتركوا فرصةً إلا وتثيروها وتذكوا نيرانها هي التي تجعلهم هدفًا سائغًا لكم، أن التتار خُلقوا ليحكموا العالم ولتكون لهم البلاد والأموال والنساء، وليشرف سيف كل منكم بأنه قتل مسلمًا منهم"

سبحان الله لو تأمل كل منا الحال لوجد أن التاريخ يعيد نفسه بشطل يكاد يقارب ذلك الزمن إن لم نقل يطابقه، كانت البلاد الإسلامية متفرقة بشكل لا يتصوره عقل وكان الولاة والسلاطين والأكراء وحتى الخليفة العباسي الصوري يرزحون تحت وطأة شهوة الحكم والسلطة والنزاع والصراع، وكانت نفوس كل فرد في الأمة – إلا القليل ممن رحم ربي ومنهم العز بن عبد السلام – ترزح تحت وطأة الضعف والخذلان والخوف والشعور بالخزي وعدم الانتماء


في أيام قصف غزة الأخير كتبت موضوعًا في ثلاثة أجزاء تحدثت فيه عن حال الأمة منذ ذلك الزمان وحتى الآن وأسميته أهل فلسطين أهل الرباط لذا فأنا لن أكرر الأمر لكني فقط أردت أن أعبر عن حزني الشديد، ففي الوقت الذي يُبنى فيه الجدار الذي نشارك فيه في حصار وسجن إخواننا، لا نبكي إلا على دم الشهيد المصري على الحدود – رحمه الله ورزق أهله الصبر – لكني لا أدري وبحق لم لم تعلو أصواتنا عندما أردى الجنود الأسرائليين أكثر من جندي على الحدود وبرروا الأمر بأنه خطأ؟!

لم لم تعلو أصواتنا ضد حكومتنا الرشيدة في حوادث القطارات وعبارة السلام وحريق بني سويف؟!

لم ارتفعت أصواتنا فقط ضد الجزائريين والفلسطينيين؟!

لم ارتفعت أصواتنا في الكرة وكأي الأمم الأفريقية والترشح لكأس العالم؟!

لم لا نحاول أن نقرأ التاريخ ونفهمه، ونقرأ السياسة ونفهمها بدلاً من أن ندلي بآراء يقودنا إليها إعلام موجه فنسير وراءها كالقطيع، أو نتابع أخبار الشرفاء والنشطاء من العرب وغير العرب كشافيز وجورج جالوي وستانلي كوهين بدلاً من متابعة أخبار الكرة وهيفاء وهبي ونانسي عجرم ومسلسلات رمضان وأحدث أفلام جوليا روبرتس؟!

كم منّا يحاول إذا شاهد مسلسلاً تاريخيًا مثلاً أن يقرأ عن أبطاله ويعرف حقيقة التاريخ؟

كم منا يسمو بنفسه أن يكون مجرد دلو يعبئه الآخرون يما يرونه مناسبًا؟

مجرد تساؤل أتمنى لو سأله كل منّا وأن يكون صادقًا حقًا في الإجابة

إنَّ ما فعلته الحكومة لم يحزنني، بل لم يعد يحزنني أيٍ مما يفعلوه لأن حكومات العرب باتت غير مأسوف عليها، لكن أشد ما يحزنني هو ردة فعل الشعوب التي سيأتي اليوم التي تقول فيه أكلت يوم أكل الثور الأبيض

والناس نوعان: نوع يرى أن الحكومة لها كامل الحق في بناء الجدار، وأنه يكفينا مشاكلنا وأن الفلسطينيين ......... إلخ

ونوع يبكي عليهم دون فعل شيء

أذكر في إحدى حلقات برنامج العاشرة مساءً وقت القصف قابلت منى الشاذلي فريقًا من الأطباء المصريين العائدين من غزة أثناء القصف الأخير، وقال أحدهم شعرًا لا أنساه:

علمت أن امرءًا قد كان يألفه كلبٌ

فعاشا على الإخلاص واصطحبا

فمر به يومًا والجوع ينهشه نهشًا

لم يبق فيه إلا العظم والعصب

فظل يبكي عليه حين أبصره

يزول ضعفًا ويقضي نحبه سربًا

يبكي عليه وفي يمناه أرغفة

لو شامها جائع من فرسخٍ وثبا

فقال قوم وقد رقوا لذي ألمٍ

يبكي وذي ألمٍ يستقبل العطب

ما خطب ذا الكلب؟ قال الجوع

يخطفه مني وينشب في الناب مغتصبًا

قالوا وقد أبصروا الرغفان زاهيةً
هذا الدواء فهل عالجته فأبى؟!

قال لذلك الحد لم تبلغ مودتنا

أما كفى أن تراني اليوم منتحبًا

هذي دموعي على الخدين جاريةً

حزنًا وهذا فؤادي يلتعي لهبًا

أقسمت بالله إن كانت مودتنا

لصاحب الكلب ساء الأمر منقلبًا

نريدكم أن تكونوا مثله فنرى

منكم بكاءً ولا نرقى لكم دأبًا

إن تقرضوا الله في أوطانكم

فلكم أجر المجاهد طوبى للذي اكتتب


من شهادة د/حاتم المعتصم من الفوج الأول من اتحاد الأطباء العرب عند عودته من غزة إبان القصف الأخير

إذا اقتنعتم بما أقول فربما تتساءلون ماذا في يدنا لنفعله؟!
ولأني لا أحب التكرار فسأحيلكم إلى موضوعاتي السابقة


أهل فلسطين أهل الرباط 1

http://doctorruby80.blogspot.com/2009/01/1-2.html


أهل فلسطين أهل الرباط 2

http://doctorruby80.blogspot.com/2009/01/2-3.html

أهل فلسطين أهل الرباط 3

http://doctorruby80.blogspot.com/2009/01/3-3.html

تحياتي إلى أمتي الحبيبة

١٥‏/٠١‏/٢٠١٠

جدد أمتك


يوم الجمعة الساعة الثامنة والنصف مساءً بتوقيت القاهرة تتحفنا قناة دبي ببرنامج جديد من نوعه

برنامج مجددون تحت إشراف عمرو خالد البرنامج يعتمد على مسابقة بين فريقين فريق الشباب وفريق الفتيات يدخلون كل حلقة في مسابقة لتنمية جزء ما من المجتمع

في حلقة اليوم تسابق الفريقان في مساعدة إحدى دور الأيتام بمبلغ 2000 دولار، بحيث يضع كل فريق قائدًا له، وأهدافًا يريد تحقيقها وخطة لتنفيذ تلك الأهداف خلال ثلاثة أيام

البرنامج أكثر من رائع في فكرته وفي حماس شبابه وفتياته، البرنامج يعيد الأمل في شباب الأمة المريضة، وينبئ بمستقبل واعد


كلمات أثرت بي

سألت إحدى الفتيات طفل يتيم

- عايز تطلع أيه لما تكبر؟
- عايز أطلع أب



http://www.mujaddidun.com/index.php




٠٧‏/١٢‏/٢٠٠٩

لإضافة لازمة


بالأمس عبرت لي إحدى معارفي، وهي بالمناسبة شخصية جميلة للغاية وأحترمها للغاية، عن أنها رأتني قاسية بعض الشيء على خالد الخميسي
وعن أنها ترى أن هذا هو الواقعوهو ما أوافقها عليه وبشدة
لذا أحببت أن أضيف إضافة رأيتها لازمة
*كان أول من حببني في القراءة كان أبي، وأذكر أنه أهداني وإخوتي مجموعة المنفلوطي كاملةً وقرأتها وأنا لا أزال في الصف الأول الإعدادي
وعلى الرغم من أن روايات المنفلوطي تدور كلها عن الحب

لكنها كما تدور عن الرذيلة تتحدث عن الفضيلة

وكما تتحدث عن الخيانة تتحدث عن العفة
قد تحكي عن مشهد زوجة خائنة أو زوج خائن، لكنها لا تخدش حياء القارئ
تتحدث عن كل تلك الأمور بطريقة راقية، جعلت أبي يطمئن وهو يقدم هذه الروايات لي في سن لا تتعدى الثانية عشرة ولإخوتي الذكور في سن المراهقة السادسة والثامنة عشرة

ومع كل ذلك، كان ما وصفه الخميسي مثلاً في تاكسي مؤلمًا لكنني لم أجرؤ على الاعتراض عليه، ربما لأنها مواقف حقيقية لا يستطيع أن يجملها
أما الأدب فشيء آخر
وكمثال آخر أنا من المعجبين بأدب وآراء علاء الأسواني



آراؤه ومقالاته السياسية والاجتماعية أكثر من رائعة وأسلوبه سلس
رواياته عمارة يعقوبيان وتليها شيكاجو
أكثر من رائعة
والحبكة الدرامية جيدة للغاية
لكن الروايتين فيهما تفصيلات أخجلتني وأنا أقرأها وأخجلتني أن أوصي بقراءتها لأحد ولا حتى لأخوتي
وهي النقطة التي أريد بالفعل أن أؤكد عليها

٢٩‏/١١‏/٢٠٠٩

مصر والجزائر كليك آخر مرة

أولاً وقبل الخوض في هذا الموضوع


كل عام وأنتم بخير

كل عام وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم

كل عام وجميع دول العالم الإسلامي والعربي بخير

كل عام ونحن جميعًا إخوة برغم كيد الكائدين

أعدكم أولاً أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي أكتب فيها عن الأمر، لكن ما أثار شهيتي للكتابة مرة أخرى ثلاثة أمور كانت على التوالي:

أولاً قرأت مقالين متميزين لكاتبي المفضل فهمي هويدي أنقله لكم

الأول بعنوان الشيطان الأصغر

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2009/11/blog-post_28.html

والثاني بعنوان

تغييب الحقيقة

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2009/11/blog-post_26.html


وقد كنت وما زلت أرى أن ما حدث بين المصريين والجزائريين هنا في القاهرة أو هناك في السودان كان جراء تعبئة إعلامية غير شريفة للعوام من الشعبين الذين لا يفهمون الكثير من قيم الحياة والذين يؤثر عليهم الإعلام بنسبة كبيرة جدًا

لذا أحببت فقط أن أنقل لكل مصري لا يزال يحمل الغضب بداخله، ولكل عربي يأسى على ما حدث بين شعبين شقيقين، ولكل جزائري يرى أن مصر والجزائر ستظلان على الرغم من هذه التفاهات شقيقتين بعض الصور التي ربما تضيف بعض الضوء وبعض الأمل.


لكل هؤلاء أقول وسأقول أنني أحب كل جزائري كما أحب أبناء وطني، وأنني آسي على من استطاع الغير تحفيزهم ضدنا وجعلهم يخطأون في حقنا، وأعترف أن هناك من أبناء وطني من فعل ذلك بأبناءهم وأعتذر نيابةً عنهم.


ثانيًا موقف عجيب لا أنساه ولن أنساه

حكى لي جيراننا أنهم تلقوا مكالمة في اليوم الأول من العيد

مكالمة من الجزائر

نعم دق جرس الهاتف فإذا بالمكالمة من الجزائر

أخ جزائري مسلم اتصل برقم عشوائي في مصر ليهنئ بالعيد ويؤكد أننا إخوة

لا يمكنكم أن تتخيلوا مشاعري وأنا استمع للقصة

ظللت ابتسم ابتسامة كبيرة طيلة رواية جاري للقصة

ظللت أسأله عن التفاصيل ماذا قال لك يا براء؟

وماذا قلت أنت له؟

هل أجبته بطريقة جيدة؟

هل شكرته كما ينبغي؟

وشكرت في سري عمر خالد الذي ابتدع هذه السنة الحسنة منذ غزو العراق

ثالثًا وأخيرًا

رسالة من أخت جزائرية تفيض أسىً رسالة تم نشرها على منتدى عمر خالد أنقلها لكم نصًا


"""""""""كلام من القلب لكل مصري: لم أستطع النوم من اول يوم بدأت فيه المباريات بين الجزائر ومصر ..لم يغمض لي جفن وانا أرى الإعلام المصري والجزائري يشعلان نار الفتنة بين الشعبين ...كنت اعيش في حالة من الخوف والقلق خوفًا من ما قد يحصل بعد انتهاء مباراة مصر والجزائر سواءً الأولى التي اقيمت في حبيبتي الجزائر أو الثانية التي اقيمت في قرة عيني مصر...

وما كنت اخافه حصل فعلا... فرقت بيننا حكومة جزائرية فاسدة ومجموعة من شباب ضائع أُطلقوا من السجون كالكلاب المسعورة وإعلام تافه مأجور ليس له غاية الا الكسب الوفير من الأكاذيب...
لم يكن المصري في يوم من الايام غير مرحب به في الجزائر سواء كان فنانا او رياضيا او عالما او رجل دين اوشخص من عامة الشعب..والله نحس بالفخر عندما نعلم ان عالما مصريا او رجل دين عندنا في الجزائر...وأحس بالغبطة عندما اسمع فنانا مصريا يقول لقد استقبلتنا الجزائر أحسن استقبال، لأني أعلم أن هذا أضاف حبا على حب في قلوبنا كجزائريين ومصريين ...

لم يكن هناك في قلوب الجزائريين حقدًا تجاه إخواننا في مصر...

كيف تتخيلون اننا نكرهكم ونحقد عليكم..لقد تربينا ونحن نشاهد الافلام والمسلسلات والبرامج المصريه الثقافيه والترفيهيه بل حتى التافهه منها ,كنا نشاهد ونضحك ونرفه عن انفسنا ونتثقف معكم , ونتعلم اللهجه المصريه التي نعشقها ...والله نحبكم في الله ..لم اكتب هذا الكلام الا بعد ان تحريت وسألت كل من قابلته هنا عن انطباعه وبعد ان سألت كل عائلتي واقاربي ...وكان الكل يقول "والله عيب ما فعله الجزائريون في السودان"

لم يكن احد يوافق على ما حصل ..بل أي عقل يقبل بهذا!!!!

قال القليل "لماذا نسي المصريون أنهم هم من بدأوا ضرب اللاعبين، ولماذا نسي الاعلام المصري هذا؟

لكن بالرغم من كل شيء فان العقل يقول "لئن بسطت الي يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لاقتلك اني اخاف الله رب العالمين"


لم يكن هناك من يخاف الله رب العالمين...ولذلك حصل ماحصل ...
لقد حضرت البارحة بعد الخطبة درس نسائي في المسجد كانت الداعية فيه تبكي وتقول لم يجلب لنا ابناءنا النصر بل جلبوا لنا الخزي والعار...

وقالت المصري أخي وسأتحول لكلب شرس عندما اسمع ولدًا من اولادي يسب واحدُا مصريًا، بل سأكون أول من يؤدبه، فما بالك بمن يجرح ويريق دم اخي المصري...وكانت كل الحاضرات متفقات معها والدموع تملأ اعينهن...والله اني انقل لكم مادار امامي ولا ازيد حرفا والله على مااقول شهيد...

قبل فترة فازت مصر على ايطاليا، ولو شاهدتم ما شاهدته، ستتأكدون من حب الجزائريين لكم...لقد خرج الشباب هنا في سياراتهم فرحين ومهللين ويحملون اعلام الجزائر ومصر جنباً إلى جنب ويهتفون باسم مصر عالياً...من يكره ويحقد لا يفعل هذا ابدًا!!
إنه الاعلام الذي شحن قلوب الشباب ..وكذب كذبة جعلهم يصدقونها مصر حبيبتي أحبها لاسباب كثيرة ربما لا أستطيع أن أحصيها ..وليس لي مصلحة في حبها ..

كل ما أعرفه أني عشت طفولتي أحلم أن أكون عالمة آثار فقط كي آتي لمصر ...لا اجد في داخلي غير حبها...لا أتخيل في يوم من الأيام أن أقابل مصريًا واحدًا لا يحبني ويكرهني أو يحتقرني فقط لأنني جزائرية ...

نعم ولدت وتربيت وكبرت في الجزائر وأعشق ترابها...وأفخر أني جزائرية، ويحز في داخلي ما أسمعه من شتم وسب للجزائر والجزائريين جراء فعلة قام بها حمقى ومرتزقون

أحس انني أُصفع من كل جانب بكل حرف يقال..وأن قلبي يُقتلع من مكانه مع كل نظرة حقد ..ومع كل كلمة كذب...


لكن لو أن السب يفرغ ما في داخلكم من غضب فانا مستعدة لسماعه إلى أن يهدأ غضبكم ... ولو خسارة الفريق الجزائري في أول مباراة قادمة ترضيكم فأسال الله من الآن ومن كل قلبي :" يارب يخسروا"

لن اكذب عليكم فقد شعرت بالفرح عند فوزنا لدقائق، سمعت بعدها مباشرة بالخبر المؤسف، فأدركت أن فجر هذه الامة بعيييييييييييييييييييييييييييد


إن من فازوا لم يُدخلوا علينا السرور بل أضافوا شرخًا وجرحًا جديدًا في جسد أمة الإسلام..وما اكثر جروحنا التي تعفنت لأنها لاتجد من يداويها...

أنا لست راضيه أبدًا عن ما جرى في السودان بل أنا أول من يتبرأ منهم، ومن كل من فعل هذه الفعلة وليس لي الشرف أن يقال عنهم إنهم جزائريون...بل إن هذا رأي الكثير منا...

لكن ماذا عساي أفعل؟؟ ليس لي ذنب كما ليس لأي جزائري شريف أي ذنب ...

لماذا تحاسبوننا بما فعل السفهاء منا؟؟؟

لا اطيق فقدان حبكم لنا... وأقسم أني أحس كأن شخصًا عزيزًا جدًا على قلبي قُتل أمام عيني..ولن اراه ثانية...

لقد نجحوا في تفريقك عنا يا مصر...وسأفتقد كل نظرة حب وكل كلمة من القلب ...سأفتقد حبك يامصر...

وأحتاج إلى من يعزيني فيك يا مصر..إن دموعي تسبقني وحزني عميييق ..إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنّا لفراقك يا مصر لمحزونون... لا ادري هل استطيع الاعتذار؟؟؟ ام لم يعد هناك مجال حتى لأن أعتذر؟؟؟ أعتذر باسمي وباسم كل جزائري حر عاقل محب لمصر وهم والله كثر...

فهلا تقبلون اعتذاري!!!

لن أطلب هذا بحق العروبة والإسلام، لكني أطلبه بحق الله الذي خلقنا من نفس واحدة ...

وأقول لكم أن من حقكم أن تغضبوا لكن لا تحكموا على الجزائر كلها بأنها تكرهكم...فحبكم في قلوبنا رغم أنف الكائدين.. ياليت مصر تقبل اعتذاري""""""""""


لكل مصري وجزائري

لكل مسلم عربي وغير عربي

ولكل عربي مسلم أو غير مسلم

أحبكم جميعًا

٢١‏/١١‏/٢٠٠٩

تساؤلات من واقع ما حدث في السودان



هل لاحظ أحدكم أن المباراة القاتلة وافقت الأول من ذي الحجة؟
هل لاحظ أحدكم أن ما حدث بين شعبين مسلمين كان في أحد الأشهر الحرم؟
هل تذكّر أحدكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة وداعه "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا؟
هل تصوّر أحدكم ماذا لو عاد النبي فرأى ما حل بأمته؟
هل فكر أحدكم هل قرُب يوم القيامة، وهل أصبح شرار الناس أكثر من خيرهم؟


أغنية بديعة معبرة عن واقع مرير

http://www.youtube.com/watch?v=LCTFvyCyR4I

١٥‏/١١‏/٢٠٠٩

مصر والجزائر_ الإعلام المشبوه




أتساءل أحيانًا عن هُوية الشعوب العربية والإسلامية


هل العربي مسلمًا أو مسيحيًا – أو المسلم عربيًا أو أعجميًا يعد شخصًا طيبًا أم ساذجًا؟


شهمًا صاحب أم هو نذل وجبان؟


هل هو شخص وطني يشعر بالانتماء أم هو كاره لوطنه ضعيف الانتماء؟


هل يحب وطنه ويعشقه أم يتعصب له تعصبًا قبليًا؟


ثار التساؤل بداخلي أثناء التعبئة الإعلامية للجزائريين ضد المصريين وللمصريين ضد الجزائرين


تعبئة تُشعرك أنك على وشك أن تشهد حربًا شرسة بين الدولتين لا مباراة بين فريقين


تعبئة تُنسيك في خضمها أن الكرة رياضة وأن الرياضة تستلزم منافسة شريفة وأن المثل يُضرب عادةً بأخلاق الرياضيين


ما حدث جعلني أفكر في الأمر من زاويتين


أولها أنني ذُهلت من الاهتمام منقطع النظير بأمر أعتبره من الكماليات، إن لم يكن من التفاهات، كما أن الاهتمام كان شعبيًا وإعلاميًا بشكل لا يُصدق، وفي الوقت نفسه لم يظهر مثل هذا الاهتمام في حالات تحتاج مثل هذه الوطنية، لم يظهر مثله في قضايا حوادث قطارات الصعيد والإهمال الصحي والتعليمي وقضايا الفساد، لم يظهر مثله في قضية مقتل الجنود المصريين على الحدود مع اسرائيل أو في قضية مقتل مروة الشربيني.


ثانيها ذُهلت أيضًا من كمية السباب والشتائم وسوء الأدب التي تبادلها الشعبين ولن أناقش من بدأها، لكني أريد أن أفهم وأحلل لم هذا العنف؟ لم على أي شعب أن يخسر علاقته مع شعب شقيق لمجرد مباراة كرة قدم.






١٦‏/١٠‏/٢٠٠٩

مين بيقرا إيه؟


منذ أن التحقت بعملي وجدت زملائي وزميلاتي كونوا مجموعة للقراءة أسموها "مين بيقرا إيه؟" واتفق الجميع فيها على اختيار كتاب محدد لكل شهر يقرأه أعضاء المجموعة ونناقشه معًا الأحد الأول من كل شهر.تنوعت في المجموعة الكتب المقروءة بين كتب التنمية البشرية والروايات، وفي شهر رمضان كان مقررًا لنا قراءة كتاب عمرو خالد "دعوة للتعايش" والتي أصدرته نهضة مصر استنادًا على حلقات البرنامج.والكتاب بحق كتاب أكثر من رائع، يستطيع الجميع مسلمون ومسيحيون قراءته للاستفادة لأنه لا يناقش حياة الأئمة من منظور فقهي قاصر على المسلمين وإنما من منظور إنساني يدعو لتلاحم الجميع دون عنصرية أو تطرف، وإلى احترام كلٍ منا للآخر دون النظر إلى دين أو لون أو مذهب أو فكر.وفي ظل مناقشتنا لهذا الكتاب صاحب الفكرة العظيمة، ظهرت مشكلة النقاب التي أثارها الشيخ سيد طنطاوي شيخ الأزهروبغض النظر عن رأيي الشخصي في ما فعله الشيخ أو في وجوب النقاب أو عدمه وهو ما لا أسعى حقًا لمناقشته هنا، أسعى فقط إلى أن يطبق كلٌ منا ما نردده جميعًا من شعاراتكثيرًا ما نقول أن "الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية".نؤكد على احترام الآخر واحترام معتقداتهلكنني دائمًأ ما أرى العكس تمامًا هو ما يحدث، وننسى قول الله "يا أيها الذين آمنوا لم تقولوا ما لا تفعلون* كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"ما أثارني ليس ما حدث من شيخ الأزهر لأن ما يحدث في هذا الزمن لم يعد يجدي معه دهشة أو ذهول، وإنما ردة فعل بعض الناس.لي صديقة ترى أن جميع المنتقبات متحجرات التفكير عديمات الذوق، وهو ما قررته لمجرد موقف واحد مع منتقبة واحدة، وبناءً عليه تظل ترى أن هذه الفئة من الناس متطرفة على الدوام.أظن وأنا جادة أن هذه الصديقة لو كانت في منصب ما ستتخذ قرارًا مشابهًا لما اتخذه د. سيد طنطاوي أو د. سعاد صالح.واعتقادي هذا أكده لي لقاء برنامج الحياة ونايل تي في مع د. سعاد صالح حيث قالت أن ما يغضبها هو أن ترى هذه الفئة نفسها على الطريق القويم وتى غير المنتقبة على غير ذلك.وفي نقاش آخر في العمل قالت لي أستاذة فاضلة أحترمها كثيرًا أنها لا ترى عيبًا في القرار وأن الحرية تقتضي أن نسمح للعاريات بالسير في الشارع إذا ما سمحنا للمنتقبة بارتداء نقابها، كما رأت أن قرار فرنسا أو بلجيكا أو غيره يحق لهم لأنها بلادهم وعلى من يعيش فيها أن يمتثل لها.ولي على هذا الرأي رد قد توافقونني عليه أو لا لكنني أحببت عرضه في عدة نقاط أولها أننا دولة مسلمة في أغلبها وشرقية عامةً فحتى المسيحين في بلادنا متدينين لا يرتدين ملابس خارجة، وأن من ترتدي ملابس مبتذلة أو خارجة عن أصول اللياقة تربت كذلك وليس لأنها مسلمة أو مسيحية.ثانيًا أن الحجاب أصل في كل الديانات السماوية سواء فرض كما في الإسلام أو احتشام وتدين كما تقعل الراهبات في الكنيسة أو المتدنيات اليهودياتثالثًا أن من تمشي عارية تؤذي من حولها وتثير الشباب وتنشر الفساد، ولا تؤذي نفسها فقط، أما المنتقبة فلا تؤذي غيرها، ومع ذلك فلا أرى أن علينا إجبار أي فتاة على ارتداء الحجاب أو على ارتداء شكل معين من أشكال الحجاب وإنما نمنع فقط الابتذال الشديد حتى نرقى بالشباب.رابعًا أن البلاد الأوروبية لها حق تقرير دستورها كما تريد لكنها هي التي تشدو دومًا بأنها بلاد الحرية والديمقراطية ومن الحرية أن أترك كل شخص ومعتقداته، والمسلمون هناك لا ينكرن على من تمشي سافرة أوبملابس عارية ذلك، لكنهم ينفذون تعاليم دينهم على أنفسهم لا يؤذون به غيرهم أو يفرضونه عليهم.لذا فإنني أود أن نطبق وبصدق كل ما نشدو به وأن تكون أفعالنا دلالة على أفكارنا وآرائنا ودعونا نببذ هذا الازدواج والفصام الذي امتلأت به حياتنا، كما أتمنى أن نترك نظريات التعميم التي تقتلني بأن جميع اليهود أشرار والفلسطينيين أندال والمنايفة لئام والدمياطة بخلاء والمنتقبات والملتحين متطرفيين وغير المحجبات مبتذلات.أرجوكم دعونا نحكم على الشخص من أخلاقه وسلوكه وتعامله مع الآخر، وإذا رأيت أن عليك أن تدعو شخصًا إلى مبدأك فتقرب منه أولاً واعرض عليه مبدأك في حوار راق دون جدال أو خلاف أو تطرف.تحياتي

٠٨‏/٠٧‏/٢٠٠٩

حُسن الخلق





علمونا أن الأدب قد فضلوه عن العلم، لكنني خرجت إلى هذه الدنيا ورأيت أن المال والسلطة وربما سوء الأدب قد فُضل عن الأدب والعلم معًا

لم أكن طيلة أعوامي السابقة - وربما سأظل هكذا - أحب كرة القدم أو أهوى متابعة أحداثها، ولم يستهوني إطلاقًا أحد أبطالها ولا متابعة أخبارهم، وفي المباريات الأخيرة لم يستهوني الأمر كالعادة، لكن لفت انتباهي وأنا أقرأ في جريدة المصري اليوم خبر اعتذار عمرو أديب للمنتخب المصري وقبولهم الاعتذار؛ فسألت إخوتي عن الأمر فحكى لي أخي الصغير عن حلقة القاهرة اليوم التي ..... لا أدري كيف أصف الأمر فقد شاهدت الحلقة على موقع اليوتيوب، وفوجئت، بل قولوا لقد صعقت.

لا أدري كيف أصف هذا الشخص؟

عمرو أديب شوكة في حلوق المصريين، بل هو وصمة عار عليهم وعلى الإعلام المصري بوجه عام. ولو كانت القناة التي يعمل بها قناة تحترم رسالتها وتحترم مشاعر وعقول من يشاهدها من أُسر وفتيات وفتيان وأطفال لكانت قد استغنت عن خدماته منذ زمن.

لم أر مذيعًا سيئ الخلق مثله، ولا أستطيع أن أصفه واعذروني في ذلك سوى بأنه "شوارعي".

لا أدري كيف يكون مثل هذا الرجل إعلاميًا جامعيًا، لا أدري كيف يكون ابنًا لأحد الكتاب، ولأخ لإعلامي مهذب*، وزوج لإعلامية وصحفية من خريجات الجامعة الأمريكية.

لا أدري كيف يستطيع أن يعود لمنزله، وينظر إلى أبناءه وزوجته.

مثله لا يمكن أن يوصف حتى بأنه قليل الأدب، لأنه قليله يعني أنه يملك منه القليل، لكنّ عمرو لا يملك منه شيئًا للأسف.

والأسوأ أن اللاعبين قبلوا اعتذاره، مع أنّ ما قاله وفعله يدخل شرعًا في حدود القذف، وليس فقط السبّ. كان يفترض بهم، تأديبًا له وحمايةً لآخرين من أن يضعوا تحت حد لسانه السليط ، أن يرفعوا دعوى قضائية ضده وضد القناة التي تسمح بمثل هذا المخلوق بأن يكون واجهةً لهم.

وقيل َحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ الْمَرْءَ، لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الْقَائِمِ بِاللَّيْلِ الظَّامِي بِالْهَوَاجِرِ ‏.‏

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن" . رواه الترمذي وقال: حديث حسن .


٢٥‏/٠٥‏/٢٠٠٩

السلوكيات المفقودة 2




يحكى أن إحدى إناث الغربان احتضنت بيضها حتى خرجت الطيور الصغيرة للدنيا، فجاءت كلها بلونها الرمادي المعتاد عدا واحدًا جاء بجسم الغراب وبلون الحمام. وعانى الصغير كثيرًا لأن إخوانه الغربان كانوا يرفضونه للونه الأبيض غير المعتاد، أما الطيور الأخرى كالحمام واليمام فكانوا يرفضونه لجسمه الكبير. وهكذا ظل الغراب الأبيض يشعر بأنه ليس كبقية الطيور وظل وحيدًا ومن هنا جاءت لفظتي "الغربة، الاغتراب".


يحاول معظم الأباء أن يغرسوا في نفوس الأبناء القيم القويمة، وغالبًا ما يصطدم الأبناء في هذا الزمان البديع بكل ما يتعارض مع ما حاول الآباء تنشئتهم عليه، فعندما كنا صغارًا عمل أبواي على تعليمنا استخدام لغة حوار مهذبة، ولغة أكثر احترامًا وتهذيبًا مع الأكبر سنًا، واستعمال عبارات مهذبة من نوعية "ممكن، لو سمحت، من فضلك، حضرتك" وما إلى ذلك. أذكر جيدًا أنني عندما انتقلت إلى مدرستي الثانوية الحكومية – فقد كنت طوال دراستي الابتدائية والإعدادية أو كما يسمونها في السعودية المتوسطة في مدارس خاصة حيث كانت أغلب المعلمات مصريات أو شاميات وكذلك معظم الطالبات – كانت زميلاتي السعوديات يعتبرن طريقتي في التعامل مع المعلمة نوعًا من النفاق، وأن استخدام ألفاظ التأدب نوعًا من التزلف إليها، وأن تفوقي سببه طريقتي في التعامل مع المعلمات، حتى أنني هربًا من هذه الفكرة توقفت عن استخدام هذه العبارات.


وفي إحدى الإجازات التي قضيناها في مصر، كنت أتحدث مع خالتي ذات مرة وخاطبتها بلفظة "أنت" فوجهتني إلى أنني لا يجب أن أتحدث إلى من هم أكبر مني سنًا دون استخدام كلمة "حضرتك". يومها أصبت بالحيرة، كنت في الخامسة عشر من عمري، وأذكر أنني رويت لخالتي لم فعلت هذا، فكان ردها أن كل شعب له تقاليده وأنني يجب أن أتعلم أن أحسن التعامل مع الجميع حتى وإن اعتبر هذا نفاقًا طالما أن نيتي فيه خالصة.


وعندما قرأت مقال الكاتب السعودي، عادت بي الذاكرة إلى هناك حيث ولدت ونشأت، وعاد معها العديد من المواقف التي أود أن أرويها لكم وإن كنت سأطيل قليلاً.

الأول: في مدرستي المتوسطة، وفي وقت انتهاء اليوم الدراسي، كان الطالبات ينتظرن أولياء أمورهن أو السائقين ليصطحبوهن إلى المنزل، وكانت الطالبات السعوديات ينتظرن الشغالة – التي غالبًا ما تكون فلبينية أو هندية أو ماليزية أو إندونيسية – لتحمل عنهن الحقيبة المدرسية. وأذكر موقفًا لا تمحوه الأيام من ذاكرتي بتاتًا، وأكاد أذكره كما لو كان قد حدث من لحظات، كانت الخادمة تحمل لفتاة سعودية حقيبتها وأشياءها - من عائلة الرشيد أكبر عائلة سعودية بعد آل سعود أنفسهم - وللحظة سقط منها أحد الأشياء فلم أجد إلا وكف الفتاة يرتفع ليهوى بصفعة لها دوي على خد الخادمة المسكينة التي بالتأكيد لا تكبر الفتاة في العمر بأقل من عشرة أعوام على الأقل.


الثاني: في الحرم المكي جو لا يمكنك نسيانه، المكان كله نظافة ونظام، العاملون يدأبون على الاهتمام بجميع التفاصيل بشكل يجعلك تريد أن تساعدهم تارة وأن تحافظ بكل كيانك على عملهم تارةً أخرى.

وسط كل هذا حدث موقفان، الأول أسرة مصرية معها تمر وعصير - حيث لا يسمحون إلا بدخول التمر والمشروبات إلى الحرم – تأكل وتشرب ثم تقوم لتترك من خلفها الأكياس والأوراق والزجاجات، والثاني أسرة أمريكية مسلمة يتقيأ طفلها الصغير على الأرض فينظف الأبوان بنفسهما ولا ينتظران العمال أو يتركا المكان بلا مبالاة.


الثالث: في عملي تمزح معي زميلاتي بأنني أهوى مساعدة عاملي النظافة في الشركة فأرتب الكراسي وأجمع الأوراق والأكياس بعد أن أتناول طعامي.

الرابع: السلوك العام للمصريين أثناء القيادة من غضب وشجار وسباب ناهيك عن سلوك سائقي الأوتوباصات والميكروباصات وعربات النقل، اليوم تحديدًا تشاجر معي رجل خلال الطريق وقال "سواقة حريم"، فلم أملك سوى أن أرد "كلك ذوق"


الذوق والإتيكيت وكل ما يعلمونه في الغرب لأبنائهم وكل ما نفتقده هذه الأيام من أخلاقيات إسلامنا الحبيب، فالمصطفى عليه السلام قال منذ ما يربو عن ألفٍ وأربعمائة عام لأبي ذرٍ رضي الله عنه:

قال أبو ذر رضي الله عنه: إني ساببت رجلا فعيرته بأمه، فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-
يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم


الخَوَل: الخدم، جمع خائلٍ، بمعنى: الراعي للشيء والمُصلحُ له

وكان هذا عن المماليك العبيد، فما بالنا بالخدم.


وتذكر أنه فضل الله يؤتيه من يشاء

ذكر نفسك دائمًا

هل لك فضل في أنك متعلمًا مثقفًا ولست جاهلاً؟
هل لك فضل في أنك من الطبقة المتوسطة ولست من الطبقة الفقيرة؟
هل لك فضل في نشأتك بين أبويك ولم تنشأ بين أبوين منفصلين؟

هل لك فضل في أي شيء؟

اشكر فضل الله عليك بما يليق به وبك، ولا تنس أن النبي صلى الله وسلم قال لأمنا عائشة: "أفلا أكون عبدًا شكورًا" والشكر بالمعاملات قبل العبادات.


١١‏/٠٥‏/٢٠٠٩

السلوكيات المفقودة 1




بعثت لي صديقتي الحبيبة مي رسالة فيها مقال لكاتب أو قارئ أو مدون سعودي، لا أعرف على وجه الدقة، لكن المقال أعجبني لأنه صادق ويعبر عن حال مجتمعاتهم.
إليكم المقال، اقرؤوه جيدًا ثم أعود لأعلق عليه.







نيشيكاوا و الكلب


عبدالله المغلوث*

قبل أربعة أعوام جمعني وشابين سعوديين وأمريكياً مصعد في جامعة ويبر الحكومية بمدينة أوجدن، في ولاية يوتاه الأمريكية. كاد المصعد ينهمر دموعا تعاطفا مع الأمريكي الذي انهال عليه أحد السعوديين المراهقين تهكما بلغة عربية. كان السعودي يهزأ من لحية الأشقر وبنطلونه. و من شعره وأنفه مستغلا عدم فهمه لما يقول. وخلال محاولتنا إيقاف قصف مواطننا فوجئنا بالأمريكي يلتفت نحونا مبتسماً، ووجهه يفيض سلاما، ويقول لنا بلغة عربية هادئة "ليس كل أشقر لا يجيد العربية. أنا من أصل سوري. أنا مصدوم مما قال رفيقكما، لكن ماذا عساي أن أقول؟".

وفي أمريكا أيضا، أذكر أنني ونحو 15 طالبا أجنبيا تكدسنا في شقة زميل ياباني، ودار بيننا حوار طويل حول العادات والتقاليد المختلفة في كل بلد، وسألنا مضيفنا (نيشيكاوا) قبل أن ننصرف من شقته أن نلقي قصيدة بلغتنا الأم. وقد تبرع أحد الزملاء السعوديين بإلقاء قصيدة نيابة عنا نحن معشر الطلاب العرب في تلك الشقة، حيث كان يبلغ عددنا وقتئذ 5 من السعودية، والإمارات، ومصر.
وقد ارتجل صاحبنا بتصرف البيت الأول لقصيدة ابن الرومي التي هجا فيه حاجب الوزير:وَجهُك يا نيشيكاوا، فيهِ طولُ... وفي وُجوهِ الكلابِ طُول
وحينما سأل نيشيكاوا صاحبنا عن معنى القصيدة أجابه بأنها تعني أن وجهك فيه ضوء لا يضاهيه سوى ضوء الشمس!
وقبل أن نفرغ من تقريع صاحبنا على اختياره وسلوكه اتصل به نيشيكاوا، الذي أدرك معنى البيت الحقيقي عن طريق أحد الزملاء، معبرا عن غضبه الهائل الذي طالنا أجمعين،
حيث عاهد نفسه ألا يصادق عربيا طوال حياته بسبب قصيدة ابن الرومي التي رماها صاحبنا في وجهه

.الموقفان السابقان يعكسان وجود خلل في سلوكياتنا. هذا السلوك الذي لم ندرسه ولم نتعلمه. هذا السلوك الذي جعلنا نرتكب حماقات لا تغتفر.

سألني صديق سنغافوري سمع بقصة ابن جلدتنا مع نيشيكاوا "ألم تدرسوا (قود مانرزـ good manners) في مدارسكم؟
ما قام به زميلكم حتى ولو كان على سبيل الدعابة سلوك غير مقبول خاصة أنه كذب في معنى القصيدة".
الإجابة المرة أننا لم ندرس هذه الأبجديات ولا نألفها.

لا أنسى الإحراجات التي تعرضت لها في بداية انتقالي للدراسة في أمريكا.
فكان النادل والسائق والمعلم والسباك يتعاملون معي كطفل، فكلما أسدوا لي خدمة أو طلبت منهم شيئا ونسيت أن ابتسم وأن أشكرهم كما ينبغي
رددوا على مسامعي العبارة الشهيرة: ماذا عن الكلمات السحرية (وات أباوت ذا ماجيك ووردز ـ what about magic words)؟ ويقصدون بها: شكرا، أنا ممتن، من فضلك، أرجوك وغيرها.

هذه الكلمات لم تدخل قاموسنا إلا مؤخراً، لم تدخل إلا بعد أن بلغنا من العمر عتيا، وأرسينا قواعد هشة لعلاقاتنا مع الآخرين.

يجزم لي الطبيب محمد السليماني الذي يعمل في مستشفى خاص أنه يستطيع أن يكتشف الطفل السعودي ولو من بين مئة طفل يلعبون في فناء كبير بسبب سلوكياتهم وليس بسبب هيئتهم"


ربما أطفالنا يشبهون الأطفال الهنود والسوريين والمصريين لكن يختلفون عنهم في سلوكياتهم.

يتعاملون مع الممرضات كالخدم.

يضربونهن ويرفعون أصواتهم عليهن".

سألت مهندس بترول هولندياً تعرفت عليه خلال زيارة قام بها للسعودية استغرقت شهرين عن أبرز ما استوقفه خلال فترة وجوده بيننا
فقال "تعاملكم مع السائقين. شاهدت فتى يافعا ربما يبلغ عمره عشر سنوات يركل السائق بإلحاح. لفتني كهل يصرخ في وجه سائقه. أعتقد أن لديكم مشكلة ".
في دول العالم شرقها وغربها ووسطها يتعلمون السلوكيات ابتداء من الصف الأول حتى التاسع وفي مرحلة الثانوية يدرسون قيم التعلم (فاليوز إديوكيشن ـ values education) وفي الجامعة الأخلاق (الإثيكس) بينما نتجاهلها نحن.

سيتفاقم الشعور السلبي تجاهنا إذا استمررنا في إهمال تقويم سلوكياتنا وعدم تدريس أدبياتها باكراً،
سينصرف نيشيكاوا ورفاقه عنا وسنبقى وحيدين، معزولين نردد قصائدنا الخوالي ونتهكم على بعضنا البعض!

*كاتب سعودي